الرسائل اليومية
تأمل: لَستُ أنا!
يوحنا ١٩:١٨-٣٧
تعتبر الخيانة من أكثر الصفات سوءًا ومن أصعب المواقف قسوة على الشخص الذي تمت خيانته، وخاصة إن جاءت من أقرب المقربين إليه. فما بالك لو حدثت تلك الخيانة في أصعب وقت وفي أحلك ظروف حياتك وليس من شخص واحد بل من أكثر من شخص. يقول الوحي عن محبة السيد المسيح لتلاميذه " أحبَبتَهُمْ كما أحبَبتَني" (٢٣:١٧)، لكن هؤلاء الذين أحبهم تعددت مواقف خيانتهم له في وقت الشدة، فهناك من باعه وأسلمه (ع ٥) وهناك من أنكره (١٧، ٢٥-٢٧) والباقون هربوا وتركوه (متى ٥٦:٢٦)!
هل غضبت من موقف التلاميذ؟ هل تدينهم على ما فعلوه مع معلمهم وسيدهم؟
في الواقع إننا كثيرًا ما نفعل مثلما فعلوا، فنحن نخونه كلما رفضنا نعمته ومحبته لنا وسيادته على حياتنا، ونحن ننكره حينما نستحي من اسمه وعندما لا نجاهد ونصبر على الضيقات من أجله (٢تيموثاوس ٣:٢-١٢)، كما نهرب ونتركه حين لا نحمل كل يوم الصليب ونتبعه (متى٢٤:١٦).
يا رب، إني أعترف بذنبي وضعفي، أقر بخيانتي لك في مرات كثيرة وإنكاري لعملك في حياتي، اقبلني في محبتك واغفر لي لأنك أنتَ إلهٌ غَفورٌ وحَنّانٌ ورحيمٌ، طَويلُ الرّوحِ وكثيرُ الرَّحمَةِ. (نحميا ١٧:٩)
تأمل: لا تخشَى
مزمور ٩١
يتحدث كاتب هذا المزمور عن العناية الإلهية، فهو بدون شك قد اختبر رعاية ومعية الله معه في شتى الظروف من خوفٍ وسهامٍ و وبإٍ وهلاكٍ ..إلخ؛
لكنه في كل هذه الأهوال كان الرب حصنه وملجأه، إلهه الذي اتكل عليه.
وربما نختبر في بعض الأوقات الإنقاذ الإلهي الذي عبر عنه كاتب المزمور (ع ١٠-١٣) "لا يُلاقيكَ شَرٌّ، ولا تدنو ضَربَةٌ مِنْ خَيمَتِكَ. لأنَّهُ يوصي مَلائكَتَهُ بكَ لكَيْ يَحفَظوكَ في كُلِّ طُرُقِكَ. علَى الأيدي يَحمِلونَكَ لئَلّا تصدِمَ بحَجَرٍ رِجلكَ. علَى الأسَدِ والصِّلِّ تطأُ. الشِّبلَ والثُّعبانَ تدوسُ." مثلما اختبره الفتية الثلاثة في آتون النار واختبره دانيال في جب الأسود. لكننا في أوقات أخرى سنجتاز في الألم والضيق، فهناك خوف الليل وسهام في النهار وأوبئة، وهو ما اختبره رجال الله في ضيقات حتى الموت مثل يوحنا المعمدان ويعقوب وبولس وآخرون أيضًا، فالقضية هنا ليست في الإنقاذ أو عدمه لكن في وصية الله لنا " لا تخشَى" (ع ٥).
كيف لا نخشى وسط كل هذه الأهوال؟ لأن:
- السّاكِنُ في سِترِ العَليِّ، في ظِلِّ القديرِ يَبيتُ. (ع ١)
- أنتَ يا رَبُّ مَلجإي. (ع ٩)
- يوصي مَلائكَتَهُ بكَ لكَيْ يَحفَظوكَ في كُلِّ طُرُقِكَ. (ع ١١)
ويختم بوعده الصادق، " لأنَّهُ تعَلَّقَ بي أُنَجّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأنَّهُ عَرَفَ اسمي. يَدعوني فأستَجيبُ لهُ، معهُ أنا في الضّيقِ، أُنقِذُهُ وأُمَجِّدُهُ. مِنْ طول الأيّامِ أُشبِعُهُ، وأُريهِ خَلاصي". آمين.
تأمل: مِنْ أجلِهِمْ أنا أسألُ
يوحنا ١٧
لا يكفي أن تقرأ قراءة عابرة لكلمات الصلاة التي رفعها السيد المسيح في هذا الأصحاح، لكن لابد أن تقضي وقتًا لتتأمل في كل كلمة نطق بها الرب يسوع في صلاته. ولكي تدرك أكثر معنى الكلمات وقوتها لا بد أن تدرك أنها الكلمات الأخيرة التي قالها قبل ذهابه للموت على الصليب، فهي تحتوي على عصارة فكره ومشاعره من نحو تلاميذه وأيضًا من نحو كل من يؤمن بكلامه (ع ٢٠). وها هي بعض الطلبات الأساسية التي قدمها في صلاته:
١. احفَظهُمْ في اسمِكَ الّذينَ أعطَيتَني، ليكونوا واحِدًا كما نَحنُ. (ع ١١)
٢. أنْ تحفَظَهُمْ مِنَ الشِّرّيرِ. (ع ١٥)
٣. قَدِّسهُمْ في حَقِّكَ. كلامُكَ هو حَقٌّ. (ع ١٧)
٤. ليكونَ الجميعُ واحِدًا، كما أنَّكَ أنتَ أيُّها الآبُ فيَّ وأنا فيكَ، ليكونوا هُم أيضًا واحِدًا فينا. (ع ٢١)
٥. أُريدُ أنَّ هؤُلاءِ الّذينَ أعطَيتَني يكونونَ مَعي حَيثُ أكونُ أنا، ليَنظُروا مَجدي الّذي أعطَيتَني. (ع ٢٤)
يا رب لا أجد الكلمات المناسبة التي توفي شكري وامتناني لما فعلته من أجلي، أصلي أن يتحقق كل يوم في حياتي ما صليته وطلبته من الآب لأجلنا. آمين.
تأمل: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ
يوحنا ٥:١٦-٣٣
يختتم الرب يسوع المسيح محادثته الطويلة مع تلاميذه، التي بدأها من الأصحاح الثالث عشر، بآية (٣٣) من هذا الأصحاح: "فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ". لكن ماذا نستفيد من ثقتنا في أن المسيح قد غلب العالم، ونحن نواجه ضيقات متنوعة فيه؟
الحقيقة، إن العالم كنظام وضع في يد إبليس الشرير هو عدو لنا، ولا نستطيع أن نغلبه إلا بإيماننا بالسيد المسيح. يقول الرسول يوحنا: "لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا." (١يو٤:٥). وما هو العالم؟ "كُل مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ" (١يو١٦:٢). لذلك، "مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ للهِ" (يع٤:٤). وهكذا لا ينبغي أن نتعجب من أننا سنواجه ضيقات طالما نحن في العالم، فيقول الرسول يوحنا: "لاَ تَتَعَجَّبُوا يَا إِخْوَتِي إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ" (١يو١٣:٣). نعم سنواجه ضيقات كثير في هذا العالم الذي وضع في الشرير، لكن "مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ ... فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا" (رو٣٥:٨، ٣٧).
إلهنا الحبيب، أعطنا أن ننظر إليك أنت المسيح المقام، يا من غلبت العالم ورئيس هذا العالم، فنتشجع في مختلف الضيقات، واثقين أن لنا فيك الغلبة. آمين.