مرقس ٩: ٢ - ٥٠

مرقس ٩

التجلي

٢ وبَعدَ سِتَّةِ أيّامٍ أخَذَ يَسوعُ بُطرُسَ ويعقوبَ ويوحَنا، وصَعِدَ بهِمْ إلَى جَبَلٍ عالٍ مُنفَرِدينَ وحدَهُمْ. وتَغَيَّرَتْ هَيئَتُهُ قُدّامَهُمْ،

٣ وصارَتْ ثيابُهُ تلمَعُ بَيضاءَ جِدًّا كالثَّلجِ، لا يَقدِرُ قَصّارٌ علَى الأرضِ أنْ يُبَيِّضَ مِثلَ ذلكَ.

٤ وظَهَرَ لهُمْ إيليّا مع موسى، وكانا يتَكلَّمانِ مع يَسوعَ.

٥ فجَعَلَ بُطرُسُ يقولُ ليَسوعَ: «يا سيِّدي، جَيِّدٌ أنْ نَكونَ ههنا. فلنَصنَعْ ثَلاثَ مَظالَّ: لكَ واحِدَةً، ولِموسى واحِدَةً، ولإيليّا واحِدَةً».

٦ لأنَّهُ لم يَكُنْ يَعلَمُ ما يتَكلَّمُ بهِ إذ كانوا مُرتَعِبينَ.

٧ وكانتْ سحابَةٌ تُظَلِّلُهُمْ. فجاءَ صوتٌ مِنَ السَّحابَةِ قائلًا: «هذا هو ابني الحَبيبُ. لهُ اسمَعوا».

٨ فنَظَروا حَوْلهُمْ بَغتَةً ولَمْ يَرَوْا أحَدًا غَيرَ يَسوعَ وحدَهُ معهُمْ.


٩ وفيما هُم نازِلونَ مِنَ الجَبَلِ، أوصاهُمْ أنْ لا يُحَدِّثوا أحَدًا بما أبصَروا، إلّا مَتَى قامَ ابنُ الإنسانِ مِنَ الأمواتِ.

١٠ فحَفِظوا الكلِمَةَ لأنفُسِهِمْ يتَساءَلونَ: «ما هو القيامُ مِنَ الأمواتِ؟».

١١ فسألوهُ قائليِنَ: «لماذا يقولُ الكتبةُ: إنَّ إيليّا يَنبَغي أنْ يأتيَ أوَّلًا؟».

١٢ فأجابَ وقالَ لهُمْ: «إنَّ إيليّا يأتي أوَّلًا ويَرُدُّ كُلَّ شَيءٍ. وكيفَ هو مَكتوبٌ عن ابنِ الإنسانِ أنْ يتألَّمَ كثيرًا ويُرذَلَ.

١٣ لكن أقولُ لكُمْ: إنَّ إيليّا أيضًا قد أتَى، وعَمِلوا بهِ كُلَّ ما أرادوا، كما هو مَكتوبٌ عنهُ».

شفاء غلام به روح نجس

١٤ ولَمّا جاءَ إلَى التلاميذِ رأى جَمعًا كثيرًا حَوْلهُمْ وكتَبَةً يُحاوِرونَهُمْ.

١٥ ولِلوقتِ كُلُّ الجَمعِ لَمّا رأوهُ تحَيَّروا، ورَكَضوا وسَلَّموا علَيهِ.

١٦ فسألَ الكتبةَ: «بماذا تُحاوِرونَهُم؟»

١٧ فأجابَ واحِدٌ مِنَ الجَمعِ وقالَ: «يا مُعَلِّمُ، قد قَدَّمتُ إلَيكَ ابني بهِ روحٌ أخرَسُ،

١٨ وحَيثُما أدرَكَهُ يُمَزِّقهُ فيُزبِدُ ويَصِرُّ بأسنانِهِ ويَيبَسُ. فقُلتُ لتلاميذِكَ أنْ يُخرِجوهُ فلم يَقدِروا».

١٩ فأجابَ وقالَ لهُمْ: «أيُّها الجيلُ غَيرُ المؤمِنِ، إلَى مَتَى أكونُ معكُم؟ إلَى مَتَى أحتَمِلُكُم؟ قَدِّموهُ إلَيَّ!».

٢٠ فقَدَّموهُ إليهِ. فلَمّا رآهُ للوقتِ صَرَعَهُ الرّوحُ، فوَقَعَ علَى الأرضِ يتَمَرَّغُ ويُزبِدُ.

٢١ فسألَ أباهُ: «كمْ مِنَ الزَّمانِ منذُ أصابَهُ هذا؟». فقالَ: «منذُ صِباهُ.

٢٢ وكثيرًا ما ألقاهُ في النّارِ وفي الماءِ ليُهلِكَهُ. لكن إنْ كُنتَ تستَطيعُ شَيئًا فتحَنَّنْ علَينا وأعِنّا».

٢٣ فقالَ لهُ يَسوعُ: «إنْ كُنتَ تستَطيعُ أنْ تؤمِنَ. كُلُّ شَيءٍ مُستَطاعٌ للمؤمِنِ».

٢٤ فللوقتِ صَرَخَ أبو الوَلَدِ بدُموعٍ وقالَ: «أومِنُ يا سيِّدُ، فأعِنْ عَدَمَ إيماني».

٢٥ فلَمّا رأى يَسوعُ أنَّ الجَمعَ يتَراكَضونَ، انتَهَرَ الرّوحَ النَّجِسَ قائلًا لهُ: «أيُّها الرّوحُ الأخرَسُ الأصَمُّ، أنا آمُرُكَ: اخرُجْ مِنهُ ولا تدخُلهُ أيضًا!».

٢٦ فصَرَخَ وصَرَعَهُ شَديدًا وخرجَ. فصارَ كمَيتٍ، حتَّى قالَ كثيرونَ: «إنَّهُ ماتَ!».

٢٧ فأمسَكَهُ يَسوعُ بيَدِهِ وأقامَهُ، فقامَ.

٢٨ ولَمّا دَخَلَ بَيتًا سألهُ تلاميذُهُ علَى انفِرادٍ: «لماذا لم نَقدِرْ نَحنُ أنْ نُخرِجَهُ؟».

٢٩ فقالَ لهُمْ: «هذا الجِنسُ لا يُمكِنُ أنْ يَخرُجَ بشَيءٍ إلّا بالصَّلاةِ والصَّوْمِ».

يسوع يُنبئ بموته وقيامته

٣٠ وخرجوا مِنْ هناكَ واجتازوا الجَليلَ، ولَمْ يُرِدْ أنْ يَعلَمَ أحَدٌ،

٣١ لأنَّهُ كانَ يُعَلِّمُ تلاميذَهُ ويقولُ لهُمْ: «إنَّ ابنَ الإنسانِ يُسَلَّمُ إلَى أيدي النّاسِ فيَقتُلونَهُ. وبَعدَ أنْ يُقتَلَ يَقومُ في اليومِ الثّالِثِ».

٣٢ وأمّا هُم فلم يَفهَموا القَوْلَ، وخافوا أنْ يَسألوهُ.

من هو الأعظم؟

٣٣ وجاءَ إلَى كفرِناحومَ. وإذ كانَ في البَيتِ سألهُمْ: «بماذا كنتُم تتَكالَمونَ فيما بَينَكُمْ في الطريقِ؟».

٣٤ فسكَتوا، لأنَّهُمْ تحاجّوا في الطريقِ بَعضُهُمْ مع بَعضٍ في مَنْ هو أعظَمُ.

٣٥ فجَلَسَ ونادَى الِاثنَيْ عشَرَ وقالَ لهُمْ: «إذا أرادَ أحَدٌ أنْ يكونَ أوَّلًا فيكونُ آخِرَ الكُلِّ وخادِمًا للكُلِّ».

٣٦ فأخَذَ ولَدًا وأقامَهُ في وسطِهِمْ ثُمَّ احتَضَنَهُ وقالَ لهُمْ:

٣٧ «مَنْ قَبِلَ واحِدًا مِنْ أولادٍ مِثلَ هذا باسمي يَقبَلُني، ومَنْ قَبِلَني فليس يَقبَلُني أنا بل الّذي أرسَلَني».

من ليس علينا فهو معنا

٣٨ فأجابَهُ يوحَنا قائلًا: «يا مُعَلِّمُ، رأينا واحِدًا يُخرِجُ شَياطينَ باسمِكَ وهو ليس يتبَعُنا، فمَنَعناهُ لأنَّهُ ليس يتبَعُنا».

٣٩ فقالَ يَسوعُ: «لا تمنَعوهُ، لأنَّهُ ليس أحَدٌ يَصنَعُ قوَّةً باسمي ويستطيعُ سريعًا أنْ يقولَ علَيَّ شَرًّا.

٤٠ لأنَّ مَنْ ليس علَينا فهو معنا.

٤١ لأنَّ مَنْ سقاكُمْ كأسَ ماءٍ باسمي لأنَّكُمْ للمَسيحِ، فالحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّهُ لا يُضيعُ أجرَهُ.

تحذير لمن تأتي منه العثرات

٤٢ «ومَنْ أعثَرَ أحَدَ الصِّغارِ المؤمِنينَ بي، فخَيرٌ لهُ لو طوِّقَ عُنُقُهُ بحَجَرِ رَحًى وطُرِحَ في البحرِ.

٤٣ وإنْ أعثَرَتكَ يَدُكَ فاقطَعها. خَيرٌ لكَ أنْ تدخُلَ الحياةَ أقطَعَ مِنْ أنْ تكونَ لكَ يَدانِ وتَمضيَ إلَى جَهَنَّمَ، إلَى النّارِ الّتي لا تُطفأُ.

٤٤ حَيثُ دودُهُمْ لا يَموتُ والنّارُ لا تُطفأُ.

٤٥ وإنْ أعثَرَتكَ رِجلُكَ فاقطَعها. خَيرٌ لكَ أنْ تدخُلَ الحياةَ أعرَجَ مِنْ أنْ تكونَ لكَ رِجلانِ وتُطرَحَ في جَهَنَّمَ في النّارِ الّتي لا تُطفأُ.

٤٦ حَيثُ دودُهُمْ لا يَموتُ والنّارُ لا تُطفأُ.

٤٧ وإنْ أعثَرَتكَ عَينُكَ فاقلَعها. خَيرٌ لكَ أنْ تدخُلَ ملكوتَ اللهِ أعوَرَ مِنْ أنْ تكونَ لكَ عَينانِ وتُطرَحَ في جَهَنَّمِ النّارِ.

٤٨ حَيثُ دودُهُمْ لا يَموتُ والنّارُ لا تُطفأُ.

٤٩ لأنَّ كُلَّ واحِدٍ يُمَلَّحُ بنارٍ، وكُلَّ ذَبيحَةٍ تُمَلَّحُ بمِلحٍ.

٥٠ المِلحُ جَيِّدٌ. ولكن إذا صارَ المِلحُ بلا مُلوحَةٍ، فبماذا تُصلِحونَهُ؟ ليَكُنْ لكُمْ في أنفُسِكُمْ مِلحٌ، وسالِموا بَعضُكُمْ بَعضًا».

تأمل: من فوق الجبل

مرقس ٩: ٢-٥٠

كثيرًا ما كان يذهب السيد المسيح منفردًا إلى الخلاء ليصلي، لكن هذه المرة اصطحب معه بعضًا من تلاميذه ليظهر أمامهم بصورة عجيبة وفريدة. كان التجلي حدثًا فريدًا بالنسبة للتلاميذ، فقبل أن يجتاز الابن طريق الألم والصليب، رأوا نظرة مستقبلية للمجد العتيد أن يستعلن حتى ما يتشجعوا ويصبروا إلى المنتهى، وليؤمنوا أن الرب يسوع هو ابن الله والمخلص الآتي إلى العالم. وتظهر قوة هذا المشهد وتأثير هذا الاختبار في كلمات الرسول بطرس في رسالته قائلًا: "لأنَّنا لَمْ نَتبَعْ خُرافاتٍ مُصَنَّعَةً، إذ عَرَّفناكُمْ بقوَّةِ رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ ومَجيئهِ، بل قد كُنّا مُعايِنينَ عَظَمَتَهُ. لأنَّهُ أخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كرامَةً ومَجدًا، إذ أقبَلَ علَيهِ صوتٌ كهذا مِنَ المَجدِ الأسنَى: «هذا هو ابني الحَبيبُ الّذي أنا سُرِرتُ بهِ». ونَحنُ سمِعنا هذا الصَّوْتَ مُقبِلًا مِنَ السماءِ، إذ كُنّا معهُ في الجَبَلِ المُقَدَّسِ." (٢ بطرس ١: ١٦-١٨)

يا من أظهرت لاهوتك ومجدك أمام تلاميذك، أنر عقولنا وقلوبنا وعيوننا حتى نرى مجدك ونتطلع إلى طريق الكمال أيها الكامل القدوس.

شارك الرسالة
نهاية قراءات يوم 189
شارك قراءات اليوم


رسائل اليوم

شارك الرسالة

شارك الرسالة
الرسائل السابقة