الرسائل اليومية
تأمل: القاعدة الذهبية
لوقا ٦: ٢٧-٤٩
يمتلئ هذا المقطع بتعاليم السيد المسيح السامية عن كيفية التعامل مع الآخرين. هذه التعاليم مخالفة تمامًا لروح هذا العالم الشرير الخاضع لإبليس (يوحنا ١٤: ٣٠؛ غلاطية ١: ٤). فيتحدث المقطع عن محبة الأعداء، وعدم مقاومة الشر بالشر، والعطاء والمحبة والإحسان دون انتظار مقابل، وملاحظة النفس وعدم إدانة الآخرين، والغفران لمن يسيء إلينا، والسخاء في العطاء. ونستطيع تلخيص كل هذه الوصايا فيما يسميه المفسرون "القاعدة الذهبية،" وهي عدد ٣١: "وكما تُريدونَ أنْ يَفعَلَ النّاسُ بكُمُ افعَلوا أنتُمْ أيضًا بهِمْ هكذا." وذُكرت أيضًا في متى ٧: ١٢.
لا تقول هذه القاعدة الذهبية: لا تفعل بالناس ما لا تريدهم أن يفعلوه بك. بل بطريقة إيجابية تأمرنا أن نفعل مع الناس ما نريدهم أن يفعلوه معنا. وهكذا تتفرد تعاليم المسيح عن كل ما سبقتها. فيضع لنا معيارًا نقيس على أساسه سلوكنا تجاه الناس، مستثمرًا شعورنا الدائم باحتياجاتنا ورغباتنا، حتى يولّد من خلالها سلوكيات مفعمة بطاقة الحب والعطاء لجميع من حولنا.
أيها الآب القدوس، لا نستطيع تحقيق وصيتك الذهبية بقوتنا الخاصة. فامنحنا بروحك القدوس قوة، لتكون هذه الوصية أساس كل تصرفاتنا في السر والعلن. آمين.
تأمل: ليس ولا واحد
مزمور ١٤
يبدأ المزمور بوصف حالة البشر الفاسدة تمامًا؛ فلا أحد في العالم يعمل صلاحًا، وليس في الناس فاهم طالب الله (ع ١-٣). ثم يتنبأ بالعقاب الذي سيحل بالأشرار بسبب أفعالهم الشريرة (ع ٤-٦). ثم في العدد السابع يأمل أنه من هيكله، يخلص الله شعبه إسرائيل من فاعلي الإثم.
لقد طال الفساد العالم بأسره. "الكُلُّ قد زاغوا مَعًا، فسدوا. ليس مَنْ يَعمَلُ صَلاحًا، ليس ولا واحِدٌ" (ع ٣). ويقتبس الرسول بولس هذا العدد في رومية ٣: ١٠-١٢ ليثبت أن العالم يحتاج إلى خلاص المسيح، لأن كل البشر يفعلون الخطية، وقد زاغوا عن الله؛ ومصيرهم هو الهلاك (رومية ٢: ١٢-١٣). لكن شكرًا لله! "وأمّا الآنَ فقد ظَهَرَ برُّ اللهِ.. مَشهودًا لهُ مِنَ النّاموسِ والأنبياءِ، برُّ اللهِ بالإيمانِ بيَسوعَ المَسيحِ، إلَى كُلِّ وعلَى كُلِّ الّذينَ يؤمِنونَ. لأنَّهُ لا فرقَ. إذ الجميعُ أخطأوا وأعوَزَهُمْ مَجدُ اللهِ، مُبَرِّرينَ مَجّانًا بنِعمَتِهِ بالفِداءِ الّذي بيَسوعَ المَسيحِ، الّذي قَدَّمَهُ اللهُ كفّارَةً بالإيمانِ بدَمِهِ، لإظهارِ برِّهِ ... في الزَّمانِ الحاضِرِ، ليكونَ بارًّا ويُبَرِّرَ مَنْ هو مِنَ الإيمانِ بيَسوعَ" (رومية ٣ :٢١-٢٦).
أيها الرب يسوع، أعترف أني خاطي، وأنني بعيد عنك. وأشكرك على الغفران الذي قدمته لي بفدائك على الصليب. أتوب عن خطاياي، وأؤمن بدم يسوع المسيح الذي دفع ثمنها على الصليب.
تأمل: الطاعة والإيمان
تكوين ٢٢
هذا الإصحاح مليء بالطعام لكل أولاد الله. فنرى فيه طاعة إبراهيم لله التي لا توصف. كيف أنه أخذ ابنه وحيده على الفور بعدما طلب منه الله أن يحرقه على المذبح كذبيحة له؛ وسار ثلاثة أيام حتى وصل إلى المكان المحدد؛ وبنى المذبح؛ ورتب الحطب عليه؛ ووضع ابنه على الحطب؛ ومد السكين ليذبح ابنه!
نرى أيضًا إيمان إبراهيم. فقد كشف لنا الروح القدس أنه كان يؤمن أن الله قادر أن يقيمه من الأموات، إذ يقول: "بالإيمانِ قَدَّمَ إبراهيمُ إسحاقَ وهو مُجَرَّبٌ. قَدَّمَ الّذي قَبِلَ المَواعيدَ، وحيدَهُ الّذي قيلَ لهُ: «إنَّهُ بإسحاقَ يُدعَى لكَ نَسلٌ». إذ حَسِبَ أنَّ اللهَ قادِرٌ علَى الإقامَةِ مِنَ الأمواتِ أيضًا، الّذينَ مِنهُمْ أخَذَهُ أيضًا في مِثالٍ" (عبرانيين ١١: ١٧-١٩).
نرى أيضًا لوحة فنية رائعة، صورة حية عن عمل الرب يسوع المسيح الكفاري على الصليب. فقد قدّم الآب ابنه يسوع ذبيحة محرقة فوق خشبة الصليب. ولم يُعفَ الرب يسوع من السكين مثل إسحاق، بل نَفَذ فيه العقاب كاملًا. لكن مثلما قام إسحاق من بين الأموات في مثال، قام المسيح أيضًا في اليوم الثالث من بين الأموات، قاهرًا الموت.
تأمل: كلمة الله
لوقا ٨: ١-٢٥
كلمة الله تعتبر العنصر المشترك في كل المقطع. فتباين تفاعل الناس معها هو ما يتحدث عنه مثل الزارع. ونور إعلان كلمة الله الذي لا ينبغي علينا إخفاؤه، بل نستنير بنوره وننير الآخرين؛ هو ما يتحدث عنه مثل السراج. والجزء الذي يتحدث عن عائلة يسوع يُظهِر أن من يسمعون الكلمة ويطيعوها هم عائلة المسيح الحقيقية. وأخيرًا، تهدئة العاصفة تُظهِر سلطان كلمة الله المتجسد على الطبيعة.
النص يحثنا على سلسلة من الأفعال تجاه كلمة الله. أولًا، سماع الكلمة (ع ٨، ١٢-١٥، ٢١). والسمع في اللغة لا يعني فقط الاستماع، بل الفهم أيضًا. ثانيًا، قبول الكلمة (ع ١٣). ويعني الموافقة عليها، والترحيب بها، وإعطائها مكانًا في حياتنا. ثالثًا، الانتباه إلى كلمة الله (ع ١٨). وهذه العملية العقلية تتطلب الاهتمام بكلمة الله وتقديرها والانشغال بها؛ لا قراءتها كواجب أو روتين. رابعًا، حفظ الكلمة (ع ١٥). وهو أن نخبئ كلمة الله في قلوبنا؛ نقدّر قيمتها جدًا حتى أننا نحتفظ بها في داخل عقولنا ووجداننا، ولا نفرِّط فيها أو نضيِّعها. خامسًا، العمل بالكلمة (ع ١٥، ٢١). وهو تطبيق المكتوب على حياتنا، وطاعتنا له. سادسًا، أن نعلن نور الكلمة حتى كما استنرنا بنورها، نذهب ونصنع تلاميذ للمسيح، وننير العالم (ع ١٦).