الرسائل اليومية

تأمل: سلام الله الذي يفوق كل عقل

فيلبي ٤

رسالة فيلبي هي رسالة البرية ورسالة الفرح في ذات الوقت. وإن كان هذا حسب المنطق لا يتفق، لكن وجود الرب في المشهد يحوّل البرية وآلامها وتجاربها إلى ينبوع من التعزيات. وفي العدد السادس والسابع من هذا الأصحاح، يرينا الروح القدس كيف ننتقل من حمل الهم إلى اختبار سلام الله الذي يفوق كل عقل.

لا تهتموا بشيء: "الغَمُّ في قَلبِ الرَّجُلِ يُحنيهِ" (أمثال ١٢: ٢٥)، فنحن لسنا حديدًا أو فولاذًا، بل بشرًا ضعفاء، نفسياتنا هشة جدًا وكياننا محدود. فأن نحمل الهم، هذا ما لا طاقة لنا به! لكن جيد أن نختبر القول: "مُلقينَ كُلَّ هَمِّكُمْ علَيهِ، لأنَّهُ هو يَعتَني بكُمْ" (١بطرس ٥: ٧). فالرب "شايلنا وشايل شيلتنا كمان". وكما قال أحدهم: "إن كل ما ينشئ فينا همًا، ينشئ عند الرب اهتمامًا".

بل في كل شيء بالصلاة والدعاء: هذه العبارة تعطينا الإذن أن نصلي لأجل كل شيء، لا يوجد شيء لا يصلح أن تصلي للرب لأجله، حتى الأمور الزمنية التي قال لنا عنها في مكان آخر: "اطلُبوا أوَّلًا ملكوتَ اللهِ وبرَّهُ، وهذِهِ كُلُّها تُزادُ لكُمْ" (متى ٦: ٣٣). فإن كانت الأمور المعيشية تسبب لنا قلقًا، فالرب يحثنا أن نصلي لأجلها وأن نلقي عليه همومنا.

مع الشكر: جميل أن تقترن صلواتنا بالشكر! نشكر لأنه يسمعنا، كما قال المرنم: "إذا استجبت طلبتي أو شئت ربي الامتناع... في كل حال أشكر إكرامك والاستماع".

لتُعلم طلباتكم لدى الله: هو يعرف طلباتنا، لكننا نطمئن عندما نُعلِمه إياها. هو لا يُفاجأ بصلواتنا واحتياجاتنا. يقول الكتاب: "أبوكُمْ يَعلَمُ أنَّكُمْ تحتاجونَ إلَى هذِهِ" (لوقا ١٢: ٣٠)، لكن كونه يعلم بها لا يعني ألا نصلي لأجلها.

وسلام الله الذي يفوق كل عقل: سلام الله ذاته واستقراره. فهو لا يفقد سلامه أمام عمق حاجاتنا أو المواقف الكبيرة التي نأتي بها إليه، بل هو على العرش ممسك بزمام الأمور، يتمتع بسلام عميق. هذا السلام يستطيع أن يُمتعنا به، حتى في أحلك المواقف، طالما نأتي إليه بالصلاة. سلامه يفوق كل عقل، أي أكبر من توقعاتنا وأفكارنا.

[هذا السلام] يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع: وهنا يوضح لنا الرسول بولس بالروح القدس أن الله يهمه حل المشكلة بداخلنا قبل خارجنا.

شارك الرسالة

تأمل: المسيح الغرض

فيلبي ٣

في رسالة فيلبي التي تحوي أربعة إصحاحات، تكلّم كل أصحاح عن المسيح.

في أصحاح ١ تكلّم عنه كمصدر الحياة: "لأنَّ ليَ الحياةَ هي المَسيحُ" (١: ٢١).

وفي أصحاح ٢ تكلّم عنه كالقدوة: "فليَكُنْ فيكُم هذا الفِكرُ الّذي في المَسيحِ يَسوعَ أيضًا" (٢: ٥).

وفي أصحاح ٣ جعل المسيح الهدف، وجعل إدراك غرض معرفة الشخص بالمسيح أو تعرُّف المسيح به، له الأولوية في السعي "أسعَى لَعَلّي أُدرِكُ [الغرض] الّذي لأجلِهِ أدرَكَني أيضًا المَسيحُ يَسوعُ" (ع ١٢). واعتبر أن كل امتيازات يتم التضحية بها في سبيل تحقيق هذا الغرض لا تعتبر تضحيات من الأساس، إذ هي في أفضل تقييم لها نفاية. من الممكن أن تستخلص المصانع من المخلفات أمورًا يُعاد تدويرها. لكن ما يتبقى منها، ولا يصلح لشيء، ولا قيمة له، هو النفاية. وهكذا يعتبر بولس أن الامتيازات التي ضحى بها لم تعد لها قيمة عنده في طريق معرفة الرب "لأعرفه" (ع ١٠) والدخول في عمق الشركة معه.

وفي أصحاح ٤ تكلم عن المسيح كمصدر القوة لعمل أي شيء، ومصدر المعونة على الاكتفاء برغم النقص والعوز: "أستَطيعُ كُلَّ شَيءٍ في المَسيحِ الّذي يُقَوّيني" (٤: ١٣).
شارك الرسالة

شارك الرسالة

شارك الرسالة