أعمال الرسل ٧: ٢٠ إلى ٨: ١
أعمال الرسل ٧
٢٠ «وفي ذلكَ الوقتِ وُلِدَ موسى وكانَ جَميلًا جِدًّا، فرُبّيَ هذا ثَلاثَةَ أشهُرٍ في بَيتِ أبيهِ.
٢١ ولَمّا نُبِذَ، اتَّخَذَتهُ ابنَةُ فِرعَوْنَ ورَبَّتهُ لنَفسِها ابنًا.
٢٢ فتهَذَّبَ موسى بكُلِّ حِكمَةِ المِصريّينَ، وكانَ مُقتَدِرًا في الأقوالِ والأعمالِ.
٢٣ ولَمّا كمِلَتْ لهُ مُدَّةُ أربَعينَ سنَةً، خَطَرَ علَى بالِهِ أنْ يَفتَقِدَ إخوَتَهُ بَني إسرائيلَ.
٢٤ وإذ رأى واحِدًا مَظلومًا حامَى عنهُ، وأنصَفَ المَغلوبَ، إذ قَتَلَ المِصريَّ.
٢٥ فظَنَّ أنَّ إخوَتَهُ يَفهَمونَ أنَّ اللهَ علَى يَدِهِ يُعطيهِمْ نَجاةً، وأمّا هُم فلم يَفهَموا.
٢٦ وفي اليومِ الثّاني ظَهَرَ لهُمْ وهُم يتَخاصَمونَ، فساقَهُمْ إلَى السَّلامَةِ قائلًا: أيُّها الرِّجالُ، أنتُمْ إخوَةٌ. لماذا تظلِمونَ بَعضُكُمْ بَعضًا؟
٢٧ فالّذي كانَ يَظلِمُ قريبَهُ دَفَعَهُ قائلًا: مَنْ أقامَكَ رَئيسًا وقاضيًا علَينا؟
٢٨ أتُريدُ أنْ تقتُلَني كما قَتَلتَ أمسِ المِصريَّ؟
٢٩ فهَرَبَ موسى بسَبَبِ هذِهِ الكلِمَةِ، وصارَ غَريبًا في أرضِ مَديانَ، حَيثُ ولَدَ ابنَينِ.
٣٠ «ولَمّا كمِلَتْ أربَعونَ سنَةً، ظَهَرَ لهُ مَلاكُ الرَّبِّ في بَرّيَّةِ جَبَلِ سيناءَ في لهيبِ نارِ عُلَّيقَةٍ.
٣١ فلَمّا رأى موسى ذلكَ تعَجَّبَ مِنَ المَنظَرِ. وفيما هو يتَقَدَّمُ ليَتَطَلَّعَ، صارَ إليهِ صوتُ الرَّبِّ:
٣٢ أنا إلهُ آبائكَ، إلهُ إبراهيمَ وإلهُ إسحاقَ وإلهُ يعقوبَ. فارتَعَدَ موسى ولَمْ يَجسُرْ أنْ يتَطَلَّعَ.
٣٣ فقالَ لهُ الرَّبُّ: اخلَعْ نَعلَ رِجلَيكَ، لأنَّ المَوْضِعَ الّذي أنتَ واقِفٌ علَيهِ أرضٌ مُقَدَّسَةٌ.
٣٤ إنّي لَقَدْ رأيتُ مَشَقَّةَ شَعبي الّذينَ في مِصرَ، وسَمِعتُ أنينَهُمْ ونَزَلتُ لأُنقِذَهُمْ. فهَلُمَّ الآنَ أُرسِلُكَ إلَى مِصرَ.
٣٥ «هذا موسى الّذي أنكَروهُ قائلينَ: مَنْ أقامَكَ رَئيسًا وقاضيًا؟ هذا أرسَلهُ اللهُ رَئيسًا وفاديًا بيَدِ المَلاكِ الّذي ظَهَرَ لهُ في العُلَّيقَةِ.
٣٦ هذا أخرَجَهُمْ صانِعًا عَجائبَ وآياتٍ في أرضِ مِصرَ، وفي البحرِ الأحمَرِ، وفي البَرّيَّةِ أربَعينَ سنَةً.
٣٧ «هذا هو موسى الّذي قالَ لبَني إسرائيلَ: نَبيًّا مِثلي سيُقيمُ لكُمُ الرَّبُّ إلهُكُمْ مِنْ إخوَتِكُمْ. لهُ تسمَعونَ.
٣٨ هذا هو الّذي كانَ في الكَنيسَةِ في البَرّيَّةِ، مع المَلاكِ الّذي كانَ يُكلِّمُهُ في جَبَلِ سيناءَ، ومَعَ آبائنا. الّذي قَبِلَ أقوالًا حَيَّةً ليُعطيَنا إيّاها.
٣٩ الّذي لم يَشأْ آباؤُنا أنْ يكونوا طائعينَ لهُ، بل دَفَعوهُ ورَجَعوا بقُلوبهِمْ إلَى مِصرَ
٤٠ قائلينَ لهارونَ: اعمَلْ لنا آلِهَةً تتَقَدَّمُ أمامَنا، لأنَّ هذا موسى الّذي أخرَجَنا مِنْ أرضِ مِصرَ لا نَعلَمُ ماذا أصابَهُ!
٤١ فعَمِلوا عِجلًا في تِلكَ الأيّامِ وأصعَدوا ذَبيحَةً للصَّنَمِ، وفَرِحوا بأعمالِ أيديهِمْ.
٤٢ فرَجَعَ اللهُ وأسلَمَهُمْ ليَعبُدوا جُندَ السماءِ، كما هو مَكتوبٌ في كِتابِ الأنبياءِ: هل قَرَّبتُمْ لي ذَبائحَ وقَرابينَ أربَعينَ سنَةً في البَرّيَّةِ يا بَيتَ إسرائيلَ؟
٤٣ بل حَمَلتُمْ خَيمَةَ مولوكَ، ونَجمَ إلهِكُمْ رَمفانَ، التَّماثيلَ الّتي صَنَعتُموها لتَسجُدوا لها. فأنقُلُكُمْ إلَى ما وراءَ بابِلَ.
٤٤ «وأمّا خَيمَةُ الشَّهادَةِ فكانتْ مع آبائنا في البَرّيَّةِ، كما أمَرَ الّذي كلَّمَ موسى أنْ يَعمَلها علَى المِثالِ الّذي كانَ قد رآهُ،
٤٥ الّتي أدخَلها أيضًا آباؤُنا إذ تخَلَّفوا علَيها مع يَشوعَ في مُلكِ الأُمَمِ الّذينَ طَرَدَهُمُ اللهُ مِنْ وجهِ آبائنا، إلَى أيّامِ داوُدَ
٤٦ الّذي وجَدَ نِعمَةً أمامَ اللهِ، والتَمَسَ أنْ يَجِدَ مَسكَنًا لإلهِ يعقوبَ.
٤٧ ولكن سُلَيمانَ بَنَى لهُ بَيتًا.
٤٨ لكن العَليَّ لا يَسكُنُ في هَياكِلَ مَصنوعاتِ الأيادي، كما يقولُ النَّبيُّ:
٤٩ السماءُ كُرسيٌّ لي، والأرضُ مَوْطِئٌ لقَدَمَيَّ. أيَّ بَيتٍ تبنونَ لي؟ يقولُ الرَّبُّ، وأيٌّ هو مَكانُ راحَتي؟
٥٠ أليستْ يَدي صَنَعَتْ هذِهِ الأشياءَ كُلَّها؟
٥١ «يا قُساةَ الرِّقابِ، وغَيرَ المَختونينَ بالقُلوبِ والآذانِ! أنتُمْ دائمًا تُقاوِمونَ الرّوحَ القُدُسَ. كما كانَ آباؤُكُمْ كذلكَ أنتُمْ!
٥٢ أيُّ الأنبياءِ لم يَضطَهِدهُ آباؤُكُم؟ وقَدْ قَتَلوا الّذينَ سبَقوا فأنبأوا بمَجيءِ البارِّ، الّذي أنتُمُ الآنَ صِرتُمْ مُسَلِّميهِ وقاتِليهِ،
٥٣ الّذينَ أخَذتُمُ النّاموسَ بترتيبِ مَلائكَةٍ ولَمْ تحفَظوهُ».
رجم استفانوس واستشهاده
٥٤ فلَمّا سمِعوا هذا حَنِقوا بقُلوبهِمْ وصَرّوا بأسنانِهِمْ علَيهِ.
٥٥ وأمّا هو فشَخَصَ إلَى السماءِ وهو مُمتَلِئٌ مِنَ الرّوحِ القُدُسِ، فرأى مَجدَ اللهِ، ويَسوعَ قائمًا عن يَمينِ اللهِ.
٥٦ فقالَ: «ها أنا أنظُرُ السماواتِ مَفتوحَةً، وابنَ الإنسانِ قائمًا عن يَمينِ اللهِ».
٥٧ فصاحوا بصوتٍ عظيمٍ وسَدّوا آذانَهُمْ، وهَجَموا علَيهِ بنَفسٍ واحِدَةٍ،
٥٨ وأخرَجوهُ خارِجَ المدينةِ ورَجَموهُ. والشُّهودُ خَلَعوا ثيابَهُمْ عِندَ رِجلَيْ شابٍّ يُقالُ لهُ شاوُلُ.
٥٩ فكانوا يَرجُمونَ استِفانوسَ وهو يَدعو ويقولُ: «أيُّها الرَّبُّ يَسوعُ، اقبَلْ روحي».
٦٠ ثُمَّ جَثا علَى رُكبَتَيهِ وصَرَخَ بصوتٍ عظيمٍ: «يا رَبُّ، لا تُقِمْ لهُمْ هذِهِ الخَطيَّةَ». وإذ قالَ هذا رَقَدَ.
أعمال الرسل ٨
اضطهاد الكنيسة وتشتتها
١ وكانَ شاوُلُ راضيًا بقَتلِهِ. وحَدَثَ في ذلكَ اليومِ اضطِهادٌ عظيمٌ علَى الكَنيسَةِ الّتي في أورُشَليمَ، فتشَتَّتَ الجميعُ في كوَرِ اليَهوديَّةِ والسّامِرَةِ، ما عَدا الرُّسُلَ.
تأمل: استشهاد استفانوس
أعمال ٧: ٢٠ – ٨: ١
في مشهد رجم استفانوس، بعد أن لخص تاريخ شعب بني إسرائيل في الخطاب القضائي (أعمال ٧)، كان استفانوس لا يرى المشهد الموجود على الأرض، المتمثل في الحنق والبغضة من المحيطين به. وحتى في وقت رجمه، لم يرَ الحجارة التي تسحق جسده، بل كان يرى -وهو يشخص إلى السماء ممتلئًا من الروح القدس- مجد الله ويسوع قائمًا عن يمين الله (أعمال ٧: ٥٦).
شخص ممتلئ من الروح القدس وينظر مجد الرب بوجه مكشوف، من الطبيعي أن يتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد. والمقصود أن تصير لنا ذات الأمجاد الأدبية والسلوكيات التي كانت في حياة الرب، لهذا:
صلى استفانوس غافرًا لقاتليه: "يا رب لا تقم لهم هذه الخطية" (أعمال ٧: ٦٠)، مثلما صلى الرب على الصليب غافرًا لصالبيه (لوقا ٢٣: ٣٤).
كما صلى الرب: "في يديك أستودع روحي" (لوقا ٢٣: ٤٦)، صلى استفانوس مُسلِّمًا روحه للرب قائلاً: "أيها الرب يسوع اقبل روحي" (أعمال ٧: ٥٩).
شابه الرب في خلاص نفس وقت موته، فالرب خلّص في مشهد صلبه اللص التائب، كذلك كان شاول جالسًا بجوار ملابس الذين رجموا استفانوس، ويبدو أن هذا المشهد بتفصيلاته أثّر في شاول الذي تغيّرت حياته لاحقًا عندما تقابل مع الرب.