تسالونيكي الأولى ٢: ١٧ إلى ٣: ١٣
تسالونيكي الأولى ٢
اشتياق بولس لرؤيتهم
١٧ وأمّا نَحنُ أيُّها الإخوَةُ، فإذْ قد فقدناكُمْ زَمانَ ساعَةٍ، بالوَجهِ لا بالقَلبِ، اجتَهَدنا أكثَرَ، باشتِهاءٍ كثيرٍ، أنْ نَرَى وُجوهَكُمْ.
١٨ لذلكَ أرَدنا أنْ نأتيَ إلَيكُمْ -أنا بولُسَ- مَرَّةً ومَرَّتَينِ. وإنَّما عاقَنا الشَّيطانُ.
١٩ لأنْ مَنْ هو رَجاؤُنا وفَرَحُنا وإكليلُ افتِخارِنا؟ أم لَستُمْ أنتُمْ أيضًا أمامَ رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ في مَجيئهِ؟
٢٠ لأنَّكُمْ أنتُمْ مَجدُنا وفَرَحُنا.
تسالونيكي الأولى ٣
١ لذلكَ إذ لم نَحتَمِلْ أيضًا استَحسَنّا أنْ نُترَكَ في أثينا وحدَنا.
٢ فأرسَلنا تيموثاوُسَ أخانا، وخادِمَ اللهِ، والعامِلَ معنا في إنجيلِ المَسيحِ، حتَّى يُثَبِّتَكُمْ ويَعِظَكُمْ لأجلِ إيمانِكُمْ،
٣ كيْ لا يتَزَعزَعَ أحَدٌ في هذِهِ الضّيقاتِ. فإنَّكُمْ أنتُمْ تعلَمونَ أنَّنا مَوْضوعونَ لهذا.
٤ لأنَّنا لَمّا كُنّا عِندَكُمْ، سبَقنا فقُلنا لكُمْ: إنَّنا عَتيدونَ أنْ نَتَضايَقَ، كما حَصَلَ أيضًا، وأنتُمْ تعلَمونَ.
٥ مِنْ أجلِ هذا إذ لم أحتَمِلْ أيضًا، أرسَلتُ لكَيْ أعرِفَ إيمانَكُمْ، لَعَلَّ المُجَرِّبَ يكونُ قد جَرَّبَكُمْ، فيَصيرَ تعَبُنا باطِلًا.
تقرير مشجع من تيموثاوس
٦ وأمّا الآنَ فإذْ جاءَ إلَينا تيموثاوُسُ مِنْ عِندِكُمْ، وبَشَّرَنا بإيمانِكُمْ ومَحَبَّتِكُمْ، وبأنَّ عِندَكُمْ ذِكرًا لنا حَسَنًا كُلَّ حينٍ، وأنتُمْ مُشتاقونَ أنْ ترَوْنا، كما نَحنُ أيضًا أنْ نَراكُمْ،
٧ فمِنْ أجلِ هذا تعَزَّينا أيُّها الإخوَةُ مِنْ جِهَتِكُمْ -في ضيقَتِنا وضَرورَتِنا- بإيمانِكُمْ.
٨ لأنَّنا الآنَ نَعيشُ إنْ ثَبَتُّمْ أنتُمْ في الرَّبِّ.
٩ لأنَّهُ أيَّ شُكرٍ نَستَطيعُ أنْ نُعَوِّضَ إلَى اللهِ مِنْ جِهَتِكُمْ عن كُلِّ الفَرَحِ الّذي نَفرَحُ بهِ مِنْ أجلِكُمْ قُدّامَ إلهِنا؟
١٠ طالِبينَ ليلًا ونهارًا أوفَرَ طَلَبٍ، أنْ نَرَى وُجوهَكُمْ، ونُكَمِّلَ نَقائصَ إيمانِكُمْ.
١١ واللهُ نَفسُهُ أبونا ورَبُّنا يَسوعُ المَسيحُ يَهدي طريقَنا إلَيكُمْ.
١٢ والرَّبُّ يُنميكُمْ ويَزيدُكُمْ في المَحَبَّةِ بَعضَكُمْ لبَعضٍ ولِلجميعِ، كما نَحنُ أيضًا لكُمْ،
١٣ لكَيْ يُثَبِّتَ قُلوبَكُمْ بلا لومٍ في القَداسَةِ، أمامَ اللهِ أبينا في مَجيءِ رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ مع جميعِ قِدّيسيهِ.
إرميا ١: ١ إلى ٢: ٣٧
إرميا ١
١ كلامُ إرميا بنِ حَلقيّا مِنَ الكهنةِ الّذينَ في عَناثوثَ في أرضِ بَنيامينَ،
٢ الّذي كانتْ كلِمَةُ الرَّبِّ إليهِ في أيّامِ يوشيّا بنِ آمونَ مَلِكِ يَهوذا، في السَّنَةِ الثّالِثَةِ عَشرَةَ مِنْ مُلكِهِ.
٣ وكانتْ في أيّامِ يَهوياقيمَ بنِ يوشيّا مَلِكِ يَهوذا، إلَى تمامِ السَّنَةِ الحاديَةِ عَشرَةَ لصِدقيّا بنِ يوشيّا مَلِكِ يَهوذا، إلَى سبيِ أورُشَليمَ في الشَّهرِ الخامِسِ.
دعوة إرميا
٤ فكانتْ كلِمَةُ الرَّبِّ إلَيَّ قائلًا:
٥ «قَبلَما صَوَّرتُكَ في البَطنِ عَرَفتُكَ، وقَبلَما خرجتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّستُكَ. جَعَلتُكَ نَبيًّا للشُّعوبِ».
٦ فقُلتُ: «آهِ، يا سيِّدُ الرَّبُّ، إنّي لا أعرِفُ أنْ أتَكلَّمَ لأنّي ولَدٌ».
٧ فقالَ الرَّبُّ لي: «لا تقُلْ إنّي ولَدٌ، لأنَّكَ إلَى كُلِّ مَنْ أُرسِلُكَ إليهِ تذهَبُ وتَتَكلَّمُ بكُلِّ ما آمُرُكَ بهِ.
٨ لا تخَفْ مِنْ وُجوهِهِمْ، لأنّي أنا معكَ لأُنقِذَكَ، يقولُ الرَّبُّ».
٩ ومَدَّ الرَّبُّ يَدَهُ ولَمَسَ فمي، وقالَ الرَّبُّ لي: «ها قد جَعَلتُ كلامي في فمِكَ.
١٠ اُنظُرْ! قد وكَّلتُكَ هذا اليومَ علَى الشُّعوبِ وعلَى المَمالِكِ، لتَقلَعَ وتَهدِمَ وتُهلِكَ وتَنقُضَ وتَبنيَ وتَغرِسَ».
١١ ثُمَّ صارَتْ كلِمَةُ الرَّبِّ إلَيَّ قائلًا: «ماذا أنتَ راءٍ يا إرميا؟» فقُلتُ: «أنا راءٍ قَضيبَ لوزٍ».
١٢ فقالَ الرَّبُّ لي: «أحسَنتَ الرّؤيَةَ، لأنّي أنا ساهِرٌ علَى كلِمَتي لأُجريَها».
١٣ ثُمَّ صارَتْ كلِمَةُ الرَّبِّ إلَيَّ ثانيَةً قائلًا: «ماذا أنتَ راءٍ؟» فقُلتُ: «إنّي راءٍ قِدرًا مَنفوخَةً، ووجهُها مِنْ جِهَةِ الشَّمالِ».
١٤ فقالَ الرَّبُّ لي: «مِنَ الشَّمالِ يَنفَتِحُ الشَّرُّ علَى كُلِّ سُكّانِ الأرضِ.
١٥ لأنّي هأنَذا داعٍ كُلَّ عَشائرِ مَمالِكِ الشَّمالِ، يقولُ الرَّبُّ، فيأتونَ ويَضَعونَ كُلُّ واحِدٍ كُرسيَّهُ في مَدخَلِ أبوابِ أورُشَليمَ، وعلَى كُلِّ أسوارِها حَوالَيها، وعلَى كُلِّ مُدُنِ يَهوذا.
١٦ وأُقيمُ دَعوايَ علَى كُلِّ شَرِّهِمْ، لأنَّهُمْ ترَكوني وبَخَّروا لآلِهَةٍ أُخرَى، وسَجَدوا لأعمالِ أيديهِمْ.
١٧ «أمّا أنتَ فنَطِّقْ حَقوَيكَ وقُمْ وكلِّمهُمْ بكُلِّ ما آمُرُكَ بهِ. لا ترتَعْ مِنْ وُجوهِهِمْ لئَلّا أُريعَكَ أمامَهُمْ.
١٨ هأنَذا قد جَعَلتُكَ اليومَ مدينةً حَصينَةً وعَمودَ حَديدٍ وأسوارَ نُحاسٍ علَى كُلِّ الأرضِ، لمُلوكِ يَهوذا ولِرؤَسائها ولِكَهَنَتِها ولِشَعبِ الأرضِ.
١٩ فيُحارِبونَكَ ولا يَقدِرونَ علَيكَ، لأنّي أنا معكَ، يقولُ الرَّبُّ، لأُنقِذَكَ».
إرميا ٢
شعب إسرائيل يترك الرب
١ وصارَتْ إلَيَّ كلِمَةُ الرَّبِّ قائلًا:
٢ «اذهَبْ ونادِ في أُذُنَيْ أورُشَليمَ قائلًا: هكذا قالَ الرَّبُّ: قد ذَكَرتُ لكِ غَيرَةَ صِباكِ، مَحَبَّةَ خِطبَتِكِ، ذِهابَكِ ورائي في البَرّيَّةِ في أرضٍ غَيرِ مَزروعَةٍ.
٣ إسرائيلُ قُدسٌ للرَّبِّ، أوائلُ غَلَّتِهِ. كُلُّ آكِليهِ يأثَمونَ. شَرٌّ يأتي علَيهِمْ، يقولُ الرَّبُّ».
٤ اِسمَعوا كلِمَةَ الرَّبِّ يا بَيتَ يعقوبَ، وكُلَّ عَشائرِ بَيتِ إسرائيلَ.
٥ هكذا قالَ الرَّبُّ: «ماذا وجَدَ فيَّ آباؤُكُمْ مِنْ جَوْرٍ حتَّى ابتَعَدوا عَنّي وساروا وراءَ الباطِلِ وصاروا باطِلًا؟
٦ ولَمْ يقولوا: أين هو الرَّبُّ الّذي أصعَدَنا مِنْ أرضِ مِصرَ، الّذي سارَ بنا في البَرّيَّةِ في أرضِ قَفرٍ وحُفَرٍ، في أرضِ يُبوسةٍ وظِلِّ الموتِ، في أرضٍ لم يَعبُرها رَجُلٌ ولَمْ يَسكُنها إنسانٌ؟
٧ وأتَيتُ بكُمْ إلَى أرضِ بَساتينَ لتأكُلوا ثَمَرَها وخَيرَها. فأتَيتُمْ ونَجَّستُمْ أرضي وجَعَلتُمْ ميراثي رِجسًا.
٨ الكهنةُ لم يقولوا: أين هو الرَّبُّ؟ وأهلُ الشَّريعَةِ لم يَعرِفوني، والرُّعاةُ عَصَوْا علَيَّ، والأنبياءُ تنَبّأوا ببَعلٍ، وذَهَبوا وراءَ ما لا يَنفَعُ.
٩ «لذلكَ أُخاصِمُكُمْ بَعدُ، يقولُ الرَّبُّ، وبَني بَنيكُمْ أُخاصِمُ.
١٠ فاعبُروا جَزائرَ كِتّيمَ، وانظُروا، وأرسِلوا إلَى قيدارَ، وانتَبِهوا جِدًّا، وانظُروا: هل صارَ مِثلُ هذا؟
١١ هل بَدَلَتْ أُمَّةٌ آلِهَةً، وهي لَيسَتْ آلِهَةً؟ أمّا شَعبي فقد بَدَلَ مَجدَهُ بما لا يَنفَعُ!
١٢ اِبهَتي أيَّتُها السماواتُ مِنْ هذا، واقشَعِرّي وتَحَيَّري جِدًّا، يقولُ الرَّبُّ.
١٣ لأنَّ شَعبي عَمِلَ شَرَّينِ: ترَكوني أنا يَنبوعَ المياهِ الحَيَّةِ، ليَنقُروا لأنفُسِهِمْ أبآرًا، أبآرًا مُشَقَّقَةً لا تضبُطُ ماءً.
١٤ «أعَبدٌ إسرائيلُ، أو مَوْلودُ البَيتِ هو؟ لماذا صارَ غَنيمَةً؟
١٥ زَمجَرَتْ علَيهِ الأشبالُ. أطلَقَتْ صوتَها وجَعَلَتْ أرضَهُ خَرِبَةً. أُحرِقَتْ مُدُنُهُ فلا ساكِنَ.
١٦ وبَنو نوفَ وتَحفَنيسَ قد شَجّوا هامَتَكِ.
١٧ أما صَنَعتِ هذا بنَفسِكِ، إذ ترَكتِ الرَّبَّ إلهَكِ حينَما كانَ مُسَيِّرَكِ في الطريقِ؟
١٨ والآنَ ما لكِ وطريقَ مِصرَ لشُربِ مياهِ شيحورَ؟ وما لكِ وطريقَ أشّورَ لشُربِ مياهِ النَّهرِ؟
١٩ يوَبِّخُكِ شَرُّكِ، وعِصيانُكِ يؤَدِّبُكِ. فاعلَمي وانظُري أنَّ تركَكِ الرَّبَّ إلهَكِ شَرٌّ ومُرٌّ، وأنَّ خَشيَتي لَيسَتْ فيكِ، يقولُ السَّيِّدُ رَبُّ الجُنودِ.
٢٠ «لأنَّهُ منذُ القَديمِ كسَرتُ نيرَكِ وقَطَعتُ قُيودَكِ، وقُلتِ: لا أتَعَبَّدُ. لأنَّكِ علَى كُلِّ أكَمَةٍ عاليَةٍ وتَحتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضراءَ أنتِ اضطَجَعتِ زانيَةً!
٢١ وأنا قد غَرَستُكِ كرمَةَ سورَقَ، زَرعَ حَقٍّ كُلَّها. فكيفَ تحَوَّلتِ لي سُروغَ جَفنَةٍ غَريبَةٍ؟
٢٢ فإنَّكِ وإنِ اغتَسَلتِ بنَطرونٍ، وأكثَرتِ لنَفسِكِ الأُشنانَ، فقد نُقِشَ إثمُكِ أمامي، يقولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
٢٣ كيفَ تقولينَ: لم أتَنَجَّسْ. وراءَ بَعليمَ لم أذهَب؟ انظُري طريقَكِ في الوادي. اِعرِفي ما عَمِلتِ، يا ناقَةً خَفيفَةً ضَبِعَةً في طُرُقِها!
٢٤ يا أتانَ الفَرا، قد تعَوَّدَتِ البَرّيَّةَ! في شَهوَةِ نَفسِها تستَنشِقُ الرّيحَ. عِندَ ضَبَعِها مَنْ يَرُدُّها؟ كُلُّ طالِبيها لا يُعيونَ. في شَهرِها يَجِدونَها.
٢٥ اِحفَظي رِجلكِ مِنَ الحَفا وحَلقَكِ مِنَ الظَّمإ. فقُلتِ: باطِلٌ! لا! لأنّي قد أحبَبتُ الغُرَباءَ ووراءَهُمْ أذهَبُ.
٢٦ كخِزيِ السّارِقِ إذا وُجِدَ هكذا خِزيُ بَيتِ إسرائيلَ، هُم ومُلوكُهُمْ ورؤَساؤُهُمْ وكهَنَتُهُمْ وأنبياؤُهُمْ،
٢٧ قائلينَ للعودِ: أنتَ أبي، ولِلحَجَرِ: أنتَ ولَدتَني. لأنَّهُمْ حَوَّلوا نَحوي القَفا لا الوَجهَ، وفي وقتِ بَليَّتِهِمْ يقولونَ: قُمْ وخَلِّصنا.
٢٨ فأين آلِهَتُكَ الّتي صَنَعتَ لنَفسِكَ؟ فليَقوموا إنْ كانوا يُخَلِّصونَكَ في وقتِ بَليَّتِكَ. لأنَّهُ علَى عَدَدِ مُدُنِكَ صارَتْ آلِهَتُكَ يا يَهوذا.
٢٩ لماذا تُخاصِمونَني؟ كُلُّكُمْ عَصَيتُموني، يقولُ الرَّبُّ.
٣٠ لباطِلٍ ضَرَبتُ بَنيكُمْ. لم يَقبَلوا تأديبًا. أكلَ سيفُكُمْ أنبياءَكُمْ كأسَدٍ مُهلِكٍ.
٣١ «أنتُمْ أيُّها الجيلُ، انظُروا كلِمَةَ الرَّبِّ. هل صِرتُ بَرّيَّةً لإسرائيلَ أو أرضَ ظَلامٍ دامِسٍ؟ لماذا قالَ شَعبي: قد شَرَدنا، لا نَجيءُ إلَيكَ بَعدُ؟
٣٢ هل تنسَى عَذراءُ زينَتَها، أو عَروسٌ مَناطِقَها؟ أمّا شَعبي فقد نَسيَني أيّامًا بلا عَدَدٍ.
٣٣ لماذا تُحَسِّنينَ طريقَكِ لتَطلُبي المَحَبَّةَ؟ لذلكَ عَلَّمتِ الشِّرّيراتِ أيضًا طُرُقَكِ.
٣٤ أيضًا في أذيالِكِ وُجِدَ دَمُ نُفوسِ المَساكينِ الأزكياءِ. لا بالنَّقبِ وجَدتُهُ، بل علَى كُلِّ هذِهِ.
٣٥ وتَقولينَ: لأنّي تبَرّأتُ ارتَدَّ غَضَبُهُ عَنّي حَقًّا. هأنَذا أُحاكِمُكِ لأنَّكِ قُلتِ: لم أُخطِئْ.
٣٦ لماذا تركُضينَ لتَبدُلي طريقَكِ؟ مِنْ مِصرَ أيضًا تخزَينَ كما خَزيتِ مِنْ أشّورَ.
٣٧ مِنْ هنا أيضًا تخرُجينَ ويَداكِ علَى رأسِكِ، لأنَّ الرَّبَّ قد رَفَضَ ثِقاتِكِ، فلا تنجَحينَ فيها.
تأمل: لا تقُلْ إنّي ولَدٌ
إرميا ٢،١
عندما دعا الله إرميا ليكون نبيًا للشعوب (ع ٥:١)، خاف إرميا وقال:"آهِ، يا سيِّدُ الرَّبُّ، إنّي لا أعرِفُ أنْ أتَكلَّمَ لأنّي ولَدٌ." (ع ٦:١). وفي الواقع كان هذا رد فعل كثير من رجال الله في الكتاب المقدس عندما دعاهم الله للخدمة، فهناك موسى الذي قال للرب: ".. استَمِعْ أيُّها السَّيِّدُ، لَستُ أنا صاحِبَ كلامٍ منذُ أمسِ ولا أوَّلِ مِنْ أمسِ، ولا مِنْ حينِ كلَّمتَ عَبدَكَ، بل أنا ثَقيلُ الفَمِ واللِّسانِ" (خروج ١٠:٤). وهناك جدعون الذي قال: "أسألُكَ يا سيِّدي، بماذا أُخَلِّصُ إسرائيلَ؟ ها عَشيرَتي هي الذُّلَّى في مَنَسَّى، وأنا الأصغَرُ في بَيتِ أبي." (قضاة ١٥:٦). وآخرون شعروا أنهم ليسوا بالكفاءة المرجوة أو شعروا بالخوف، أو شعروا أنهم لا يستحقون. في الحقيقة إن ما عبروا عنه هو وصف دقيق لحالتهم وهي أعذار حقيقية لا شك فيها، فإنهم جميعًا لا يستحقون هذا الشرف، وجميعم غير قادرين على إتمام العمل الموكل لهم، وإمكانياتهم ضعيفة ومحدودة. ونتعلم من الكتاب المقدس أن الله لا يختار من يعتقدون أنهم مستحقون أو قادرون، أو أنهم أفضل من غيرهم "بل اختارَ اللهُ جُهّالَ العالَمِ ليُخزيَ الحُكَماءَ. واختارَ اللهُ ضُعَفاءَ العالَمِ ليُخزيَ الأقوياءَ" (١كورنثوس ٢٧:١). لذا أجاب الرب إرميا قائلًا: "لا تقُلْ إنّي ولَدٌ، لأنَّكَ إلَى كُلِّ مَنْ أُرسِلُكَ إليهِ تذهَبُ وتَتَكلَّمُ بكُلِّ ما آمُرُكَ بهِ. لا تخَفْ مِنْ وُجوهِهِمْ، لأنّي أنا معكَ لأُنقِذَكَ، يقولُ الرَّبُّ." (٨،٧:١).
ربما نشعر بضآلتنا وعدم استحقاقنا لخدمة الله، وهذا هو الواقع الذي لابد أن نعترف به، لكن الله في نعمته وقدرته يستطيع أن يستخدمنا لمجد اسمه. "ولكن لنا هذا الكَنزُ في أوانٍ خَزَفيَّةٍ، ليكونَ فضلُ القوَّةِ للهِ لا مِنّا." (٢كورنثوس ٧:٤).
المزامير ١١٩: ١٤٥ - ١٧٦
المزامير ١١٩
ق
١٤٥ صَرَختُ مِنْ كُلِّ قَلبي. استَجِبْ لي يا رَبُّ. فرائضَكَ أحفَظُ.
١٤٦ دَعَوْتُكَ. خَلِّصني، فأحفَظَ شَهاداتِكَ.
١٤٧ تقَدَّمتُ في الصُّبحِ وصَرَختُ. كلامَكَ انتَظَرتُ.
١٤٨ تقَدَّمَتْ عَينايَ الهُزُعَ، لكَيْ ألهَجَ بأقوالِكَ.
١٤٩ صوتيَ استَمِعْ حَسَبَ رَحمَتِكَ. يا رَبُّ، حَسَبَ أحكامِكَ أحيِني.
١٥٠ اقتَرَبَ التّابِعونَ الرَّذيلَةَ. عن شَريعَتِكَ بَعُدوا.
١٥١ قريبٌ أنتَ يا رَبُّ، وكُلُّ وصاياكَ حَقٌّ.
١٥٢ منذُ زَمانٍ عَرَفتُ مِنْ شَهاداتِكَ أنَّكَ إلَى الدَّهرِ أسَّستَها.
ر
١٥٣ اُنظُرْ إلَى ذُلّي وأنقِذني، لأنّي لم أنسَ شَريعَتَكَ.
١٥٤ أحسِنْ دَعوايَ وفُكَّني. حَسَبَ كلِمَتِكَ أحيِني.
١٥٥ الخَلاصُ بَعيدٌ عن الأشرارِ، لأنَّهُمْ لم يَلتَمِسوا فرائضَكَ.
١٥٦ كثيرَةٌ هي مَراحِمُكَ يا رَبُّ. حَسَبَ أحكامِكَ أحيِني.
١٥٧ كثيرونَ مُضطَهِديَّ ومُضايِقيَّ، أمّا شَهاداتُكَ فلم أمِلْ عنها.
١٥٨ رأيتُ الغادِرينَ ومَقَتُّ، لأنَّهُمْ لم يَحفَظوا كلِمَتَكَ.
١٥٩ انظُرْ أنّي أحبَبتُ وصاياكَ. يا رَبُّ، حَسَبَ رَحمَتِكَ أحيِني.
١٦٠ رأسُ كلامِكَ حَقٌّ، وإلَى الدَّهرِ كُلُّ أحكامِ عَدلِكَ.
ش
١٦١ رؤَساءُ اضطَهَدوني بلا سبَبٍ، ومِنْ كلامِكَ جَزِعَ قَلبي.
١٦٢ أبتَهِجُ أنا بكلامِكَ كمَنْ وجَدَ غَنيمَةً وافِرَةً.
١٦٣ أبغَضتُ الكَذِبَ وكرِهتُهُ، أمّا شَريعَتُكَ فأحبَبتُها.
١٦٤ سبعَ مَرّاتٍ في النَّهارِ سبَّحتُكَ علَى أحكامِ عَدلِكَ.
١٦٥ سلامَةٌ جَزيلَةٌ لمُحِبّي شَريعَتِكَ، وليس لهُمْ مَعثَرَةٌ.
١٦٦ رَجَوْتُ خَلاصَكَ يا رَبُّ، ووصاياكَ عَمِلتُ.
١٦٧ حَفِظَتْ نَفسي شَهاداتِكَ، وأُحِبُّها جِدًّا.
١٦٨ حَفِظتُ وصاياكَ وشَهاداتِكَ، لأنَّ كُلَّ طُرُقي أمامَكَ.
ت
١٦٩ ليَبلُغْ صُراخي إلَيكَ يا رَبُّ. حَسَبَ كلامِكَ فهِّمني.
١٧٠ لتَدخُلْ طِلبَتي إلَى حَضرَتِكَ. ككلِمَتِكَ نَجِّني.
١٧١ تُنَبِّعُ شَفَتايَ تسبيحًا إذا عَلَّمتَني فرائضَكَ.
١٧٢ يُغَنّي لساني بأقوالِكَ، لأنَّ كُلَّ وصاياكَ عَدلٌ.
١٧٣ لتَكُنْ يَدُكَ لمَعونَتي، لأنَّني اختَرتُ وصاياكَ.
١٧٤ اشتَقتُ إلَى خَلاصِكَ يا رَبُّ، وشَريعَتُكَ هي لَذَّتي.
١٧٥ لتَحيَ نَفسي وتُسَبِّحَكَ، وأحكامُكَ لتُعِنّي.
١٧٦ ضَلَلتُ، كشاةٍ ضالَّةٍ. اطلُبْ عَبدَكَ، لأنّي لم أنسَ وصاياكَ.