غلاطية ٣: ١ - ٢٠
غلاطية ٣
الإيمان أم أعمال الناموس
١ أيُّها الغَلاطيّونَ الأغبياءُ، مَنْ رَقاكُمْ حتَّى لا تُذعِنوا للحَقِّ؟ أنتُمُ الّذينَ أمامَ عُيونِكُمْ قد رُسِمَ يَسوعُ المَسيحُ بَينَكُمْ مَصلوبًا!
٢ أُريدُ أنْ أتَعَلَّمَ مِنكُمْ هذا فقط: أبِأعمالِ النّاموسِ أخَذتُمُ الرّوحَ أم بخَبَرِ الإيمانِ؟
٣ أهكذا أنتُمْ أغبياءُ! أبَعدَما ابتَدأتُمْ بالرّوحِ تُكَمَّلونَ الآنَ بالجَسَدِ؟
٤ أهذا المِقدارَ احتَمَلتُمْ عَبَثًا؟ إنْ كانَ عَبَثًا!
٥ فالّذي يَمنَحُكُمُ الرّوحَ، ويَعمَلُ قوّاتٍ فيكُم، أبِأعمالِ النّاموسِ أم بخَبَرِ الإيمانِ؟
٦ كما «آمَنَ إبراهيمُ باللهِ فحُسِبَ لهُ برًّا».
٧ اعلَموا إذًا أنَّ الّذينَ هُم مِنَ الإيمانِ أولئكَ هُم بَنو إبراهيمَ.
٨ والكِتابُ إذ سبَقَ فرأى أنَّ اللهَ بالإيمانِ يُبَرِّرُ الأُمَمَ، سبَقَ فبَشَّرَ إبراهيمَ أنْ «فيكَ تتَبارَكُ جميعُ الأُمَمِ».
٩ إذًا الّذينَ هُم مِنَ الإيمانِ يتَبارَكونَ مع إبراهيمَ المؤمِنِ.
١٠ لأنَّ جميعَ الّذينَ هُم مِنْ أعمالِ النّاموسِ هُم تحتَ لَعنَةٍ، لأنَّهُ مَكتوبٌ: «مَلعونٌ كُلُّ مَنْ لا يَثبُتُ في جميعِ ما هو مَكتوبٌ في كِتابِ النّاموسِ ليَعمَلَ بهِ».
١١ ولكن أنْ ليس أحَدٌ يتَبَرَّرُ بالنّاموسِ عِندَ اللهِ فظاهِرٌ، لأنَّ «البارَّ بالإيمانِ يَحيا».
١٢ ولكن النّاموسَ ليس مِنَ الإيمانِ، بل «الإنسانُ الّذي يَفعَلُها سيَحيا بها».
١٣ المَسيحُ افتَدانا مِنْ لَعنَةِ النّاموسِ، إذ صارَ لَعنَةً لأجلِنا، لأنَّهُ مَكتوبٌ: «مَلعونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ علَى خَشَبَةٍ».
١٤ لتَصيرَ بَرَكَةُ إبراهيمَ للأُمَمِ في المَسيحِ يَسوعَ، لنَنالَ بالإيمانِ مَوْعِدَ الرّوحِ.
الناموس والوعد
١٥ أيُّها الإخوَةُ، بحَسَبِ الإنسانِ أقولُ: ليس أحَدٌ يُبطِلُ عَهدًا قد تمَكَّنَ ولَوْ مِنْ إنسانٍ، أو يَزيدُ علَيهِ.
١٦ وأمّا المَواعيدُ فقيلَتْ في إبراهيمَ وفي نَسلِهِ. لا يقولُ: «وفي الأنسالِ» كأنَّهُ عن كثيرينَ، بل كأنَّهُ عن واحِدٍ: «وفي نَسلِكَ» الّذي هو المَسيحُ.
١٧ وإنَّما أقولُ هذا: إنَّ النّاموسَ الّذي صارَ بَعدَ أربَعِمِئَةٍ وثَلاثينَ سنَةً، لا يَنسَخُ عَهدًا قد سبَقَ فتمَكَّنَ مِنَ اللهِ نَحوَ المَسيحِ حتَّى يُبَطِّلَ المَوْعِدَ.
١٨ لأنَّهُ إنْ كانتِ الوِراثَةُ مِنَ النّاموسِ، فلم تكُنْ أيضًا مِنْ مَوْعِدٍ. ولكن اللهَ وهَبَها لإبراهيمَ بمَوْعِدٍ.
غاية الناموس
١٩ فلماذا النّاموسُ؟ قد زيدَ بسَبَبِ التَّعَدّياتِ، إلَى أنْ يأتيَ النَّسلُ الّذي قد وُعِدَ لهُ، مُرَتَّبًا بمَلائكَةٍ في يَدِ وسيطٍ.
حزقيال ١٢: ١ إلى ١٣: ٢٣
حزقيال ١٢
تصوير السبي بطريقة رمزية
١ وكانَ إلَيَّ كلامُ الرَّبِّ قائلًا:
٢ «يا ابنَ آدَمَ، أنتَ ساكِنٌ في وسطِ بَيتٍ مُتَمَرِّدٍ، الّذينَ لهُمْ أعيُنٌ ليَنظُروا ولا يَنظُرونَ. لهُمْ آذانٌ ليَسمَعوا ولا يَسمَعونَ، لأنَّهُمْ بَيتٌ مُتَمَرِّدٌ.
٣ وأنتَ يا ابنَ آدَمَ، فهَيِّئْ لنَفسِكَ أُهبَةَ جَلاءٍ، وارتَحِلْ قُدّامَ عُيونِهِمْ نهارًا، وارتَحِلْ مِنْ مَكانِكَ إلَى مَكانٍ آخَرَ قُدّامَ عُيونِهِمْ، لَعَلَّهُمْ يَنظُرونَ أنهُم بَيتٌ مُتَمَرِّدٌ.
٤ فتُخرِجُ أُهبَتَكَ كأُهبَةِ الجَلاءِ قُدّامَ عُيونِهِمْ نهارًا، وأنتَ تخرُجُ مساءً قُدّامَ عُيونِهِمْ كالخارِجينَ إلَى الجَلاءِ.
٥ وانقُبْ لنَفسِكَ في الحائطِ قُدّامَ عُيونِهِمْ وأخرِجها مِنهُ.
٦ واحمِلْ علَى كتِفِكَ قُدّامَ عُيونِهِمْ. في العَتَمَةِ تُخرِجُها. تُغَطّي وجهَكَ فلا ترَى الأرضَ. لأنّي جَعَلتُكَ آيَةً لبَيتِ إسرائيلَ».
٧ ففَعَلتُ هكذا كما أُمِرتُ، فأخرَجتُ أُهبَتي كأُهبَةِ الجَلاءِ نهارًا، وفي المساءِ نَقَبتُ لنَفسي في الحائطِ بيَدي، وأخرَجتُ في العَتَمَةِ، وحَمَلتُ علَى كتِفي قُدّامَ عُيونِهِمْ.
٨ وفي الصّباحِ كانتْ إلَيَّ كلِمَةُ الرَّبِّ قائلَةً:
٩ «يا ابنَ آدَمَ، ألَمْ يَقُلْ لكَ بَيتُ إسرائيلَ، البَيتُ المُتَمَرِّدُ: ماذا تصنَعُ؟
١٠ قُلْ لهُمْ: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ. هذا الوَحيُ هو الرَّئيسُ في أورُشَليمَ وكُلِّ بَيتِ إسرائيلَ والّذينَ هُم في وسطِهِمْ.
١١ قُلْ: أنا آيَةٌ لكُمْ. كما صَنَعتُ هكذا يُصنَعُ بهِمْ. إلَى الجَلاءِ إلَى السَّبيِ يَذهَبونَ.
١٢ والرَّئيسُ الّذي في وسطِهِمْ يَحمِلُ علَى الكَتِفِ في العَتَمَةِ ويَخرُجُ. يَنقُبونَ في الحائطِ ليُخرِجوا مِنهُ. يُغَطّي وجهَهُ لكَيلا يَنظُرَ الأرضَ بعَينَيهِ.
١٣ وأبسُطُ شَبَكَتي علَيهِ فيؤخَذُ في شَرَكي، وآتي بهِ إلَى بابِلَ إلَى أرضِ الكلدانيّينَ، ولكن لا يَراها وهناكَ يَموتُ.
١٤ وأُذَرّي في كُلِّ ريحٍ جميعَ الّذينَ حَوْلهُ لنَصرِهِ، وكُلَّ جُيوشِهِ، وأستَلُّ السَّيفَ وراءَهُمْ.
١٥ فيَعلَمونَ أنّي أنا الرَّبُّ حينَ أُبَدِّدُهُمْ بَينَ الأُمَمِ وأُذَرّيهِمْ في الأراضي.
١٦ وأُبقي مِنهُمْ رِجالًا مَعدودينَ مِنَ السَّيفِ ومِنَ الجوعِ ومِنَ الوَبإ، لكَيْ يُحَدِّثوا بكُلِّ رَجاساتِهِمْ بَينَ الأُمَمِ الّتي يأتونَ إليها، فيَعلَمونَ أنّي أنا الرَّبُّ».
١٧ وكانتْ إلَيَّ كلِمَةُ الرَّبِّ قائلَةً:
١٨ «يا ابنَ آدَمَ، كُلْ خُبزَكَ بارتِعاشٍ، واشرَبْ ماءَكَ بارتِعادٍ وغَمٍّ.
١٩ وقُلْ لشَعبِ الأرضِ: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ علَى سُكّانِ أورُشَليمَ في أرضِ إسرائيلَ: يأكُلونَ خُبزَهُمْ بالغَمِّ، ويَشرَبونَ ماءَهُمْ بحَيرَةٍ، لكَيْ تخرَبَ أرضُها عن مِلئها مِنْ ظُلمِ كُلِّ السّاكِنينَ فيها.
٢٠ والمُدُنُ المَسكونَةُ تخرَبُ، والأرضُ تُقفِرُ، فتعلَمونَ أنّي أنا الرَّبُّ».
٢١ وكانَ إلَيَّ كلامُ الرَّبِّ قائلًا:
٢٢ «يا ابنَ آدَمَ، ما هذا المَثَلُ الّذي لكُمْ علَى أرضِ إسرائيلَ، القائلُ: قد طالَتِ الأيّامُ وخابَتْ كُلُّ رؤيا.
٢٣ لذلكَ قُلْ لهُمْ: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: أُبَطِّلُ هذا المَثَلَ فلا يُمَثِّلونَ بهِ بَعدُ في إسرائيلَ. بل قُلْ لهُمْ: قد اقتَرَبَتِ الأيّامُ وكلامُ كُلِّ رؤيا.
٢٤ لأنَّهُ لا تكونُ بَعدُ رؤيا باطِلَةٌ ولا عِرافَةٌ مَلِقَةٌ في وسطِ بَيتِ إسرائيلَ.
٢٥ لأنّي أنا الرَّبُّ أتَكلَّمُ، والكلِمَةُ الّتي أتَكلَّمُ بها تكونُ. لا تطولُ بَعدُ. لأنّي في أيّامِكُمْ أيُّها البَيتُ المُتَمَرِّدُ أقولُ الكلِمَةَ وأُجريها، يقولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».
٢٦ وكانَ إلَيَّ كلامُ الرَّبِّ قائلًا:
٢٧ «يا ابنَ آدَمَ، هوذا بَيتُ إسرائيلَ قائلونَ: الرّؤيا الّتي هو رائيها هي إلَى أيّامٍ كثيرَةٍ، وهو مُتَنَبِّئٌ لأزمِنَةٍ بَعيدَةٍ.
٢٨ لذلكَ قُلْ لهُمْ: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لا يَطولُ بَعدُ شَيءٌ مِنْ كلامي. الكلِمَةُ الّتي تكلَّمتُ بها تكونُ، يقولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».
حزقيال ١٣
نبوءة ضد الأنبياء الكذبة
١ وكانَ إلَيَّ كلامُ الرَّبِّ قائلًا:
٢ «يا ابنَ آدَمَ، تنَبّأْ علَى أنبياءِ إسرائيلَ الّذينَ يتَنَبّأونَ، وقُلْ للّذينَ هُم أنبياءُ مِنْ تِلقاءِ ذَواتِهِمِ: اسمَعوا كلِمَةَ الرَّبِّ.
٣ هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: ويلٌ للأنبياءِ الحَمقَى الذّاهِبينَ وراءَ روحِهِمْ ولَمْ يَرَوْا شَيئًا.
٤ أنبياؤُكَ يا إسرائيلُ صاروا كالثَّعالِبِ في الخِرَبِ.
٥ لم تصعَدوا إلَى الثُّغَرِ، ولَمْ تبنوا جِدارًا لبَيتِ إسرائيلَ للوُقوفِ في الحَربِ في يومِ الرَّبِّ.
٦ رأوا باطِلًا وعِرافَةً كاذِبَةً. القائلونَ: وحيُ الرَّبِّ، والرَّبُّ لم يُرسِلهُمْ، وانتَظَروا إثباتَ الكلِمَةِ.
٧ ألَمْ ترَوْا رؤيا باطِلَةً، وتَكلَّمتُمْ بعِرافَةٍ كاذِبَةٍ، قائلينَ: وحيُ الرَّبِّ، وأنا لم أتَكلَّم؟
٨ لذلكَ هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لأنَّكُمْ تكلَّمتُمْ بالباطِلِ ورأيتُمْ كذِبًا، فلذلكَ ها أنا علَيكُمْ، يقولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
٩ وتَكونُ يَدي علَى الأنبياءِ الّذينَ يَرَوْنَ الباطِلَ، والّذينَ يَعرِفونَ بالكَذِبِ. في مَجلِسِ شَعبي لا يكونونَ، وفي كِتابِ بَيتِ إسرائيلَ لا يُكتَبونَ، وإلَى أرضِ إسرائيلَ لا يَدخُلونَ، فتعلَمونَ أنّي أنا السَّيِّدُ الرَّبُّ.
١٠ مِنْ أجلِ أنهُم أضَلّوا شَعبي قائلينَ: سلامٌ! وليس سلامٌ. وواحِدٌ مِنهُمْ يَبني حائطًا وها هُم يُمَلِّطونَهُ بالطُّفالِ.
١١ فقُلْ للّذينَ يُمَلِّطونَهُ بالطُّفالِ: إنَّهُ يَسقُطُ. يكونُ مَطَرٌ جارِفٌ، وأنتُنَّ يا حِجارَةَ البَرَدِ تسقُطنَ، وريحٌ عاصِفَةٌ تُشَقِّقُهُ.
١٢ وهوذا إذا سقَطَ الحائطُ، أفَلا يُقالُ لكُمْ: أين الطّينُ الّذي طَيَّنتُمْ بهِ؟
١٣ لذلكَ هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إنّي أُشَقِّقُهُ بريحٍ عاصِفَةٍ في غَضَبي، ويكونُ مَطَرٌ جارِفٌ في سخَطي، وحِجارَةُ بَرَدٍ في غَيظي لإفنائهِ.
١٤ فأهدِمُ الحائطَ الّذي مَلَّطتُموهُ بالطُّفالِ، وأُلصِقُهُ بالأرضِ، ويَنكَشِفُ أساسُهُ فيَسقُطُ، وتَفنَوْنَ أنتُمْ في وسطِهِ، فتعلَمونَ أنّي أنا الرَّبُّ.
١٥ فأُتِمُّ غَضَبي علَى الحائطِ وعلَى الّذينَ مَلَّطوهُ بالطُّفالِ، وأقولُ لكُمْ: ليس الحائطُ بمَوْجودٍ ولا الّذينَ مَلَّطوهُ!
١٦ أيْ أنبياءُ إسرائيلَ الّذينَ يتَنَبّأونَ لأورُشَليمَ ويَرَوْنَ لها رؤَى سلامٍ، ولا سلامَ، يقولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
١٧ «وأنتَ يا ابنَ آدَمَ، فاجعَلْ وجهَكَ ضِدَّ بَناتِ شَعبِكَ اللَّواتي يتَنَبّأنَ مِنْ تِلقاءِ ذَواتِهِنَّ، وتَنَبّأْ علَيهِنَّ،
١٨ وقُلْ: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: ويلٌ للَّواتي يَخُطنَ وسائدَ لكُلِّ أوصالِ الأيدي، ويَصنَعنَ مِخَدّاتٍ لرأسِ كُلِّ قامَةٍ لاصطيادِ النُّفوسِ. أفَتَصطَدنَ نُفوسَ شَعبي وتَستَحيينَ أنفُسَكُنَّ،
١٩ وتُنَجِّسنَني عِندَ شَعبي لأجلِ حَفنَةِ شَعيرٍ، ولأجلِ فُتاتٍ مِنَ الخُبزِ، لإماتَةِ نُفوسٍ لا يَنبَغي أنْ تموتَ، واستِحياءِ نُفوسٍ لا يَنبَغي أنْ تحيا، بكَذِبِكُنَّ علَى شَعبي السّامِعينَ للكَذِبِ؟
٢٠ «لذلكَ هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: ها أنا ضِدُّ وسائدِكُنَّ الّتي تصطَدنَ بها النُّفوسَ كالفِراخِ، وأُمَزِّقُها عن أذرُعِكُنَّ، وأُطلِقُ النُّفوسَ، النُّفوسَ الّتي تصطَدنَها كالفِراخِ.
٢١ وأُمَزِّقُ مِخَدّاتِكُنَّ وأُنقِذُ شَعبي مِنْ أيديكُنَّ، فلا يكونونَ بَعدُ في أيديكُنَّ للصَّيدِ، فتعلَمنَ أنّي أنا الرَّبُّ.
٢٢ لأنَّكُنَّ أحزَنتُنَّ قَلبَ الصِّدّيقِ كذِبًا وأنا لم أُحزِنهُ، وشَدَّدتُنَّ أيدي الشِّرّيرِ حتَّى لا يَرجِعَ عن طريقِهِ الرَّديئَةِ فيَحيا،
٢٣ فلذلكَ لن تعُدنَ ترَينَ الباطِلَ ولا تعرِفنَ عِرافَةً بَعدُ، وأُنقِذُ شَعبي مِنْ أيديكُنَّ، فتعلَمنَ أنّي أنا الرَّبُّ».
إشعياء ٤٣: ١ - ٢٨
إشعياء ٤٣
مخلص شعبه الوحيد
١ والآنَ هكذا يقولُ الرَّبُّ، خالِقُكَ يا يعقوبُ وجابِلُكَ يا إسرائيلُ: «لا تخَفْ لأنّي فدَيتُكَ. دَعَوْتُكَ باسمِكَ. أنتَ لي.
٢ إذا اجتَزتَ في المياهِ فأنا معكَ، وفي الأنهارِ فلا تغمُرُكَ. إذا مَشَيتَ في النّارِ فلا تُلذَعُ، واللَّهيبُ لا يُحرِقُكَ.
٣ لأنّي أنا الرَّبُّ إلهُكَ قُدّوسُ إسرائيلَ، مُخَلِّصُكَ. جَعَلتُ مِصرَ فِديَتَكَ، كوشَ وسَبا عِوَضَكَ.
٤ إذ صِرتَ عَزيزًا في عَينَيَّ مُكَرَّمًا، وأنا قد أحبَبتُكَ. أُعطي أُناسًا عِوَضَكَ وشُعوبًا عِوَضَ نَفسِكَ.
٥ لا تخَفْ فإنّي معكَ. مِنَ المَشرِقِ آتي بنَسلِكَ، ومِنَ المَغرِبِ أجمَعُكَ.
٦ أقولُ للشَّمالِ: أعطِ، ولِلجَنوبِ: لا تمنَعْ. ايتِ ببَنيَّ مِنْ بَعيدٍ، وببَناتي مِنْ أقصَى الأرضِ.
٧ بكُلِّ مَنْ دُعيَ باسمي ولِمَجدي خَلَقتُهُ وجَبَلتُهُ وصَنَعتُهُ.
٨ أخرِجِ الشَّعبَ الأعمَى ولهُ عُيونٌ، والأصَمَّ ولهُ آذانٌ.
٩ «اِجتَمِعوا يا كُلَّ الأُمَمِ مَعًا ولتَلتَئمِ القَبائلُ. مَنْ مِنهُمْ يُخبِرُ بهذا ويُعلِمُنا بالأوَّليّاتِ؟ ليُقَدِّموا شُهودَهُمْ ويَتَبَرَّروا. أو ليَسمَعوا فيقولوا: صِدقٌ.
١٠ أنتُمْ شُهودي، يقولُ الرَّبُّ، وعَبدي الّذي اختَرتُهُ، لكَيْ تعرِفوا وتؤمِنوا بي وتَفهَموا أنّي أنا هو. قَبلي لم يُصَوَّرْ إلهٌ وبَعدي لا يكونُ.
١١ أنا أنا الرَّبُّ، وليس غَيري مُخَلِّصٌ.
١٢ أنا أخبَرتُ وخَلَّصتُ وأعلَمتُ وليس بَينَكُمْ غَريبٌ. وأنتُمْ شُهودي، يقولُ الرَّبُّ، وأنا اللهُ.
١٣ أيضًا مِنَ اليومِ أنا هو، ولا مُنقِذَ مِنْ يَدي. أفعَلُ، ومَنْ يَرُدُّ؟».
رحمة الله
١٤ هكذا يقولُ الرَّبُّ فاديكُمْ قُدّوسُ إسرائيلَ: «لأجلِكُمْ أرسَلتُ إلَى بابِلَ وألقَيتُ المَغاليقَ كُلَّها والكلدانيّينَ في سُفُنِ ترَنُّمِهِمْ.
١٥ أنا الرَّبُّ قُدّوسُكُمْ، خالِقُ إسرائيلَ، مَلِكُكُمْ.
١٦ هكذا يقولُ الرَّبُّ الجاعِلُ في البحرِ طَريقًا وفي المياهِ القَويَّةِ مَسلكًا.
١٧ المُخرِجُ المَركَبَةَ والفَرَسَ، الجَيشَ والعِزَّ. يَضطَجِعونَ مَعًا لا يَقومونَ. قد خَمِدوا. كفَتيلَةٍ انطَفأوا.
١٨ «لا تذكُروا الأوَّليّاتِ، والقَديماتُ لا تتأمَّلوا بها.
١٩ هأنَذا صانِعٌ أمرًا جديدًا. الآنَ يَنبُتُ. ألا تعرِفونَهُ؟ أجعَلُ في البَرّيَّةِ طَريقًا، في القَفرِ أنهارًا.
٢٠ يُمَجِّدُني حَيَوانُ الصَّحراءِ، الذِّئابُ وبَناتُ النَّعامِ، لأنّي جَعَلتُ في البَرّيَّةِ ماءً، أنهارًا في القَفرِ، لأسقيَ شَعبي مُختاري.
٢١ هذا الشَّعبُ جَبَلتُهُ لنَفسي. يُحَدِّثُ بتسبيحي.
٢٢ «وأنتَ لم تدعُني يا يعقوبُ، حتَّى تتعَبَ مِنْ أجلي يا إسرائيلُ.
٢٣ لم تُحضِرْ لي شاةَ مُحرَقَتِكَ، وبذَبائحِكَ لم تُكرِمني. لم أستَخدِمكَ بتقدِمَةٍ ولا أتعَبتُكَ بلُبانٍ.
٢٤ لم تشتَرِ لي بفِضَّةٍ قَصَبًا، وبشَحمِ ذَبائحِكَ لم تُروِني. لكن استَخدَمتَني بخطاياكَ وأتعَبتَني بآثامِكَ.
٢٥ أنا أنا هو الماحي ذُنوبَكَ لأجلِ نَفسي، وخطاياكَ لا أذكُرُها».
٢٦ «ذَكِّرني فنَتَحاكَمَ مَعًا. حَدِّثْ لكَيْ تتَبَرَّرَ.
٢٧ أبوكَ الأوَّلُ أخطأ، ووُسَطاؤُكَ عَصَوْا علَيَّ.
٢٨ فدَنَّستُ رؤَساءَ القُدسِ، ودَفَعتُ يعقوبَ إلَى اللَّعنِ، وإسرائيلَ إلَى الشَّتائمِ.
تأمل: صانِعٌ أمرًا جديدًا
إشعياء ٤٣
كشرقيين نميل كثيرًا إلى الماضي ويملأنا الحنين إليه. وبالتأكيد هناك أهمية شديدة للتعلم من الخبرات السابقة سواء في حياتنا أو في حياة الآخرين، كما أننا عندما نتأمل في ماضينا نتذكر رعاية الله لنا كل هذه السنين ولا ننسى كل حسناته (مزمور ١:١٠٣-٥). لكننا في أحيان كثيرة نظل أسرى للماضي، إذ تظل خبراتنا السيئة وأخطائنا وخطايانا سجنًا نعيش فيه ولا نستطيع أن نتحرر منه. أو ربما نكتفي بما حققناه في الماضي من نجاحات وإنجازات فلا نطمح لما هو أفضل وأعظم. وهذا ما قاله الرب لشعبه في هذه الكلمات قائلًا: "لا تذكُروا الأوَّليّاتِ، والقَديماتُ لا تتأمَّلوا بها" (ع ١٨). ربما لأن الشعب ظن أنه سيبقى في حالة الضعف والسبي إلى الأبد، أو ربما لأنهم اكتفوا بأمجاد الماضي، لذلك يقول لهم الرب: "هأنَذا صانِعٌ أمرًا جديدًا. الآنَ يَنبُتُ. ألا تعرِفونَهُ؟" (ع ١٩). فالرب له الماضي والحاضر والمستقبل أيضًا، فهو يرعانا بذراع قديرة (ع ١-٣)، وأحبنا وخلصنا (ع ٤،٣)، وهو الماحي ذنوبنا والغافر خطايانا (ع ٢٥).
رسالة الله لنا اليوم أن نتحرر من قيود ماضينا وأن نشتاق لآفاق جديدة في علاقتنا بإلهنا وفي خدمتنا له، فنتمثل بالرسول بولس الذي قال: "أنا لَستُ أحسِبُ نَفسي أنّي قد أدرَكتُ. ولكني أفعَلُ شَيئًا واحِدًا: إذ أنا أنسَى ما هو وراءُ وأمتَدُّ إلَى ما هو قُدّامُ، أسعَى نَحوَ الغَرَضِ لأجلِ جَعالَةِ دَعوَةِ اللهِ العُليا في المَسيحِ يَسوعَ." (فيلبي ١٤،١٣:٣)