رسائل تأمل اليوم
تأمل: صِرنا فرِحينَ
مزمور ١٢٦
إن أجمل فرحة هي التي تأتي بعد معاناة وتعب، ففرحة الأم بوليدها بعد آلام المخاض والولادة لا يضاهيها فرحة، وسعادة الطالب بتفوقه بعد ليالي الدراسة والكدّ لا توصف، وبهجة الوالدين بعد شفاء ابنهما من مرض صعب تفيض على من حولهما. هكذا كان حال كاتب المزمور وهو يعبر عن فرحتهم البالغة لعودتهم من السبي بعد ٧٠ سنة، فيقول: "... صِرنا مِثلَ الحالِمينَ. حينَئذٍ امتَلأتْ أفواهنا ضِحكًا، وألسِنَتُنا ترَنُّمًا." (ع ٢،١). حتى أن الأمم من حولهم شهدوا للرب قائلين: "... إنَّ الرَّبَّ قد عَظَّمَ العَمَلَ مع هؤُلاءِ" (ع ٢).
هل تمر بوقت صعب من ضيق وألم؟ هل تعاني من مرض أو من أزمة مادية؟ هل تشعر بالوحدة أو حزين لغياب أحد الأحباء؟ هل تجتهد وتكدّ فيما تفعله ولا ترى ثمرًا؟ هل تصلي بلجاجة وتظن أن الرب لا يستجيب؟
لنضع ثقتنا في الله، لنترجى وجهه، لنؤمن في صلاحه وأمانته، وهو القادر أن يعظِّم العمل معنا فنصير فرحين (ع ٣). "لأنَّهُ لا يُنسَى المِسكينُ إلَى الأبدِ. رَجاءُ البائسينَ لا يَخيبُ إلَى الدَّهرِ" (مزمور ١٨:٩). ولنتذكر أن "الّذينَ يَزرَعونَ بالدُّموعِ يَحصُدونَ بالِابتِهاجِ. الذّاهِبُ ذَهابًا بالبُكاءِ حامِلًا مِبذَرَ الزَّرعِ، مَجيئًا يَجيءُ بالتَّرَنُّمِ حامِلًا حُزَمَهُ." (ع ٦،٥).
تأمل: القاضي العَدل
إرميا ١٢،١١
تعرض إرميا لما يتعرض له الكثيرين منا من شعور بالظلم، إذ وجد أن هناك مؤامرات تُحاك ضده (١١: ١٨ -٢١). وكان يعيش في تهديد مستمر وخوف بينما يتنعم الأشرار وينجحون (٢،١:١٢)، حتى أنه عبَّر عن شكواه للرب وطلب انتقام الرب من أعدائه (ع ٤،٣). ربما نتساءل مثل النبي إرميا عن سبب طول أناة الله على الأشرار وصبره على آثامهم وشرهم! بينما يجب علينا أن نتذكر أمرين:
- "إنَّهُ مِنْ إحساناتِ الرَّبِّ أنَّنا لَمْ نَفنَ، لأنَّ مَراحِمَهُ لا تزولُ" (مراثي إرميا ٢٢:٣)، إذ نحن أيضًا قد اختبرنا وما زلنا نختبر رأفة الله علينا لأننا "كُلُّنا كغَنَمٍ ضَلَلنا. مِلنا كُلُّ واحِدٍ إلَى طريقِهِ، والرَّبُّ وضَعَ علَيهِ إثمَ جميعِنا" (إشعياء ٦:٥٣). أي أننا أيضًا لا نستحق رحمته لكن كما يقول الرسول بولس: "ولكنني رُحِمتُ، لأنّي فعَلتُ بجَهلٍ في عَدَمِ إيمانٍ. و تَفاضَلَتْ نِعمَةُ رَبِّنا جِدًّا مع الإيمانِ والمَحَبَّةِ الّتي في المَسيحِ يَسوعَ."
- إن الرب هو " القاضيَ العَدلَ، فاحِصَ الكُلَى والقَلبِ (٢٠:١١)، للرب وحده أن يدين وأن يحاكم، "لا تنتَقِموا لأنفُسِكُمْ أيُّها الأحِبّاءُ، بل أعطوا مَكانًا للغَضَبِ، لأنَّهُ مَكتوبٌ: «ليَ النَّقمَةُ أنا أُجازي، يقولُ الرَّبُّ" (رومية ١٩:١٢).
يا الله إني أثق في حكمتك وعدلك وأفرح بنعمتك ورحمتك لأن جميعَ سُبُلك عَدلٌ، إلهُ أمانَةٍ لا جَوْرَ فيك.
تأمل: عُيونُنا نَحوَ الرَّبِّ إلهِنا
مزمور ١٢٣
تحمل المزامير (١٢٠-١٣٤) عنوان "ترنيمة المصاعد"، ويُطلق عليها "مزامير الحُجَّاج" حيث كانوا يترنمون بها عند صعودهم إلى أورشليم، وبخاصة إلى جبل صهيون حيث أقيم الهيكل. ويرى البعض أنها تشير إلى عودة شعب إسرائيل من سبي بابل. الخطوط العامة المشتركة لهذه المزامير تدور حول بعض الأفكار، مثل: الاستعداد للصعود إلى بيت الرب، والالتجاء بالرب وطلب معونته، الفرح والابتهاج بالذهاب إلي بيت الرب، وتسبيح وتمجيد الله، التعبير عن التميز بمعية الرب لشعبه.
وفي مزمور اليوم يعبِّر الكاتب عن:
- مدى اشتياقه للرب: "إلَيكَ رَفَعتُ عَينَيَّ يا ساكِنًا في السماواتِ." (ع ١)
- وعن تعلقه الشديد بإلهه: "هوذا كما أنَّ عُيونَ العَبيدِ نَحوَ أيدي سادَتِهِمْ، كما أنَّ عَينَيِ الجاريَةِ نَحوَ يَدِ سيِّدَتِها، هكذا عُيونُنا نَحوَ الرَّبِّ إلهِنا" (ع ٢)
- وعن احتياجه لرأفة الله ورحمته: "..حتَّى يتَرأّفَ علَينا. ارحَمنا يا رَبُّ ارحَمنا (ع ٣،٢).
هل نشتاق إلى بيت الرب؟ هل نرجو رحمته ورأفته علينا؟
"عَطِشَتْ نَفسي إلَى اللهِ، إلَى الإلهِ الحَيِّ. مَتَى أجيءُ وأتَراءَى قُدّامَ اللهِ؟" (مزمور ٢:٤٢)
تأمل: صَبرِكُمْ وإيمانِكُمْ
٢ تسالونيكي ١
منذ نشأة المسيحية في القرن الأول الميلادي ويتعرض تابعيها للضيق والاضطهاد على مر العصور، وهو ما صرح به السيد المسيح لتلاميذه عندما قال: "قد كلَّمتُكُمْ بهذا لكَيْ لا تعثُروا. سيُخرِجونَكُمْ مِنَ المجامعِ، بل تأتي ساعَةٌ فيها يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقتُلُكُمْ أنَّهُ يُقَدِّمُ خِدمَةً للهِ. وسَيَفعَلونَ هذا بكُمْ لأنَّهُمْ لَمْ يَعرِفوا الآبَ ولا عَرَفوني." (يوحنا ١:١٦-٣). لم يعِد الرب يسوع تابعيه بحياة الرفاهية، لكنه وعدهم بأنه سيكون معهم في كل حين حتى في أصعب الظروف قائلًا: "في العالَمِ سيكونُ لكُمْ ضيقٌ، ولكن ثِقوا: أنا قد غَلَبتُ العالَمَ.". لذا يفتخر الرسول بولس بأهل كنيسة تسالونيكي بسبب صبرهم وإيمانهم في جميع اضطهاداتهم والضيقات التي تحملوها (ع ٤). ويتعجب الكثيرون من ردود أفعال المُضطهَدين من أجل إيمانهم تجاه مضايقيهم، فإنهم لا ينتقمون لأنفسهم بل في أحيانًا كثيرة يفرحون ويشكرون الله لأجل ضيقاتهم، إذ مكتوب عن التلاميذ بعدما تعرضوا للجلد: "وأمّا هُم فذَهَبوا فرِحينَ مِنْ أمامِ المَجمَعِ، لأنَّهُمْ حُسِبوا مُستأهِلينَ أنْ يُهانوا مِنْ أجلِ اسمِهِ" (أعمال ٤١:٥).
لتكن صلاتنا مثلما صلى الرسول بولس لأجل كنيسة تسالونيكي: "أنْ يؤَهِّلكُمْ إلهنا للدَّعوَةِ، ويُكَمِّلَ كُلَّ مَسَرَّةِ الصَّلاحِ وعَمَلَ الإيمانِ بقوَّةٍ، لكَيْ يتَمَجَّدَ اسمُ رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ فيكُم، وأنتُمْ فيهِ، بنِعمَةِ إلهِنا والرَّبِّ يَسوعَ المَسيحِ." (ع ١٢،١١).