رسائل تأمل اليوم
تأمل: ما أحسَنَ وما أجمَلَ
مزمور ١٣٣
يتسم العالم اليوم بالفردية الشديدة، فنجد الكثيرين يقضون أوقات كثيرة في "الواقع الافتراضي" يتصفحون مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، مما يُفقدهم مهارات التواصل الفعلي مع الأشخاص في المناسبات الاجتماعية. وعلى الجانب الروحي أيضا نجد في الكتاب المقدس التأكيد المستمر على فكرة الجسد الواحد وشركة المؤمنين، وأهمية ذلك لبناء كل عضو في جسد المسيح ليكمّلوا بعضهم البعض في المواهب والأدوار ليصبح لكل عضو أهميته وكرامته (١كورنثوس ١٢:١٢-٢٧).
في صورة شعرية رائعة يصف لنا كاتب المزمور روعة وجمال أبناء الله المتعبدين معًا، فقال: "هوذا ما أحسَنَ وما أجمَلَ أنْ يَسكُنَ الإخوَةُ مَعًا!" (ع ١). فهو أمر حسن لأنه يعبر عن مقاصد الله من نحو الجسد الواحد أي الكنيسة، وجميل أيضًا لأن كل شخص في هذا الجسد يجد المحبة والقبول والدفء.
وهذه الوحدة يفوح منها رائحة عطرة زكية "مِثلُ الدُّهنِ الطَّيِّبِ علَى الرّأسِ" (ع ٢). فالوحدة في جسد السيد المسيح لها فاعلية وتأثير أكبر بكثير من مجرد علاقات الصداقة التي يعرفها العالم، والفضل ليس لأعضاء الجسد بل لرأس هذا الجسد "لأنَّهُ هناكَ أمَرَ الرَّبُّ بالبَرَكَةِ، حياةٍ إلَى الأبدِ." (ع ٣)
يا رب ساعدنا أن نكون "صادِقينَ في المَحَبَّةِ، نَنمو في كُلِّ شَيءٍ إلَى ذاكَ الّذي هو الرّأسُ: المَسيحُ، الّذي مِنهُ كُلُّ الجَسَدِ مُرَكَّبًا مَعًا، ومُقتَرِنًا بمؤازَرَةِ كُلِّ مَفصِلٍ، حَسَبَ عَمَلٍ، علَى قياسِ كُلِّ جُزءٍ، يُحَصِّلُ نُموَّ الجَسَدِ لبُنيانِهِ في المَحَبَّةِ." آمين (أفسس ١٦،١٥:٤)
تأمل: أُناسًا أُمَناءَ أكفاءً
٢ تيموثاوس ٢
يوضح لنا الرسول بولس في هذا الأصحاح ثلاث صفات هامة يجب أن يتصف بها كل من أراد أن يتبع السيد المسيح ويكون له تلميذًا.
ووضع هذه الصفات في ثلاث تشبيهات من واقع الحياة العملية وهم:
- الجندي (ع ٤،٣): ومن صفاته تحمل المشقات وعدم انشغاله بأي أمر سوى طاعته التامة لقائده.
- الرياضي (ع ٥): الذي يعبر عن حياة الجهاد المستمرة والتأكد من تنفيذ جميع التعليمات بدقة والتزامه التام بالقوانين.
- الفلاح (ع ٦): الاستعداد لدفع التكلفة وتحمل التعب والجهد حتى ينال ثمر تعبه.
صور واقعية نستطيع من خلالها أن نفهم طبيعة تكلفة التبعية للسيد المسيح لكي نحيا حياة مثمرة ".. لنَطرَحْ كُلَّ ثِقلٍ، والخَطيَّةَ المُحيطَةَ بنا بسُهولَةٍ، ولنُحاضِرْ بالصَّبرِ في الجِهادِ المَوْضوعِ أمامَنا." (العبرانيين ١:١٢)
تأمل: كَفَطِيم نَحْوَ أُمِّهِ
مزمور ١٣١
هذا المزمور هو أحد مزامير المصاعد المنسوبة لداود. يرنمه الشعب القادمون من كل مكان ليعبدوا الرب في الهيكل. ويحتوي هذا المزمور على ثلاثة أعداد فقط.
في العدد الأول، يتحدث الكاتب مع الله ويخبره أنه غير متكبر أو منتفخ، ولا يرى نفسه فوق حقيقتها. نعم، يجب أن نكون متضعين أمام الرب، فهذا ما يطلبه منا: "قَدْ أَخْبَرَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ، وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ الرَّبُّ، إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعًا مَعَ إِلهِكَ." (ميخا ٨:٦).
في العدد الثاني، يستكمل الكاتب حديثه مع الله ويخبره كيف أنه يمنع نفسه عن رغباته الغير ناضجة ويقوِّي إرادته أمام إلحاحها. وهكذا ينبغي أن يكون توجه قلبنا من نحو إلهنا، أن نضع أنفسنا بين يدي القدير طالبين مشيئته لا رغباتنا، واثقين في محبته وحنانه وأن مشيئته دائمًا هي الصالحة لنا، مهما واجهنا من ظروف قاسية.
في العدد الأخير، يدعو الكاتب شعب الرب ليترجونه دائمًا. وهنا نستطيع أن نسأل أنفسنا: ما الذي نتمناه؟ ما الذي نرغب فيه بشدة؟ ما الذي ننتظره بفارغ الصبر؟ لنتطلع دائمًا إلى التواجد في محضر الرب والتلذذ به، ولنطلب مشيئته دائمًا خاضعين له.
تأمل: تِجارَةٌ عظيمَةٌ
١ تيموثاوس ٢١:٥-٢٢:٦
لو تأملنا في الدعاية المكثفة في مختلف الوسائل في عالمنا اليوم، سنجد أنها في أغلب الأحوال تتحدث عن الرفاهية والراحة والسعادة التي سيحظى بها كل من يمتلك السلعة المُعلن عنها، مثل: شقة، سيارة، ملابس، أجهزة، ...إلخ. حتى أصبح كل منا تحت ضغط رهيب لكي يحظى بهذا الشعور من السعادة!
لنقرأ ما يقول الروح القدس لنا اليوم: "وأمّا الّذينَ يُريدونَ أنْ يكونوا أغنياءَ، فيَسقُطونَ في تجرِبَةٍ وفَخٍّ وشَهَواتٍ كثيرَةٍ غَبيَّةٍ ومُضِرَّةٍ، تُغَرِّقُ النّاسَ في العَطَبِ والهَلاكِ. لأنَّ مَحَبَّةَ المالِ أصلٌ لكُلِّ الشُّرورِ، الّذي إذ ابتَغاهُ قَوْمٌ ضَلّوا عن الإيمانِ، وطَعَنوا أنفُسَهُمْ بأوجاعٍ كثيرَةٍ." (١٠،٩:٦). ويعطي لنا حكمة عظيمة لابد أن تكون في أذهاننا كل الوقت إذ يقول: "وأمّا التَّقوَى مع القَناعَةِ فهي تِجارَةٌ عظيمَةٌ. لأنَّنا لَمْ نَدخُلِ العالَمَ بشَيءٍ، وواضِحٌ أنَّنا لا نَقدِرُ أنْ نَخرُجَ مِنهُ بشَيءٍ. فإنْ كانَ لنا قوتٌ وكِسوَةٌ، فلنَكتَفِ بهِما. (١:٦-٨). تحدٍّ كبير لكل واحد منا اليوم هو: كيف نختبر حياة التقوى مع القناعة؟ كيف نكتفي بما أعطاه الله لنا ولا نلهث وراء مغريات العالم؟ يعطينا الرسول بولس الخطوات التي تساعدنا على تحقيق ذلك:
- وأمّا أنتَ يا إنسانَ اللهِ فاهرُبْ مِنْ هذا (١١:٦)
- اتبَعِ البِرَّ والتَّقوَى والإيمانَ والمَحَبَّةَ والصَّبرَ والوَداعَةَ. (١١:٦)
- جاهِدْ جِهادَ الإيمانِ الحَسَنَ (١٢:٦)
- أمسِكْ بالحياةِ الأبديَّةِ الّتي إليها دُعيتَ أيضًا. (١٢:٦)
- أنْ تحفَظَ الوَصيَّةَ بلا دَنَسٍ ولا لومٍ إلَى ظُهورِ رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ (١٤:٦)
يا إلهي احفظني من محبة المال ولتكن محبتي لك وحدك يا مخلصي.
"لا يَقدِرُ خادِمٌ أنْ يَخدِمَ سيِّدَينِ، لأنَّهُ إمّا أنْ يُبغِضَ الواحِدَ ويُحِبَّ الآخَرَ، أو يُلازِمَ الواحِدَ ويَحتَقِرَ الآخَرَ. لا تقدِرونَ أنْ تخدِموا اللهَ والمالَ." (لوقا ١٣:١٦).