رسائل تأمل اليوم
تأمل: الحكمة
يعقوب ٣
يهتم الكتاب المقدس اهتمامًا خاصًا بأمر "الحكمة"، فيفرد له الروح القدس سفرًا كاملًا وهو سفر الأمثال. وعندما تراءى الرب لسليمان الملك في جبعون، قال له: "اسأل ماذا أعطيك" (٢أخ٧:١)، فطلب سليمان الحكمة والتمييز بين الخير والشر؛ ولم يطلب أي شيء آخر. وأيضًا يتحدث الكتاب عن الرب يسوع المسيح فيقول أنه "ممتلئًا حكمة" (لو٤٠:٢). ويطلب الرسول بولس من أجل كنيسة كولوسي أن يمتلئوا من "كل حكمة" (كو٩:١). وتقول رسالة يعقوب: "وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ." (يع٥:١).
يخبرنا الروح القدس في هذا الأصحاح، في الأعداد (١٣-١٨)، عن نوعين من الحكمة: حكمة إلهية نازلة من فوق وليست من هذا العالم، وأخرى نفسانية شيطانية. وصفات الحكمة التي يهبها الله لنا هي: طاهرة، مسالمة، مترفقة، مذعنة، مملوءة رحمة، لها أثمار صالحة، عديمة الريب والرياء. أما صفات الحكمة النفسانية الشيطانية كما يصفها هنا الرسول يعقوب فهي: غيرة مرة وتحزب في القلب.
يا إلهنا الكريم السخي في العطاء، املأنا بالحكمة الإلهية النازلة من فوق. واحفظنا حتى لا نقع فريسة للشيطان أو لرغباتنا الشريرة، فلا تسود بيننا الغيرة أو التحزب. آمين.
تأمل: أُريكَ بأعمالي إيماني
يعقوب ٢
يهتم مجتمعنا جدًا بالمظاهر، حتى المجتمع الكنسي يعاني أيضًا من تلك الظاهرة، فنحن نضع اعتبارًا كبيرًا لما سيقوله الناس عنا، وكيف ينظرون إلينا، وما هو تقييمهم لمظهرنا وشكلنا. وغالبًا ما تؤدي تلك الأحكام والمقاييس الدنيوية إلى مجتمع طبقي من الدرجة الأولى ينافق أصحاب السلطة والمال ولا يعطي أي كرامة أو اهتمام للبسطاء أو للفقراء. يبدو أن الرسول يعقوب لاحظ هو أيضًا هذا الوضع المؤسف في تصرفات بعض المؤمنين، لذا نبه إليه بشدة، وقد دعاه "إيمان في المحاباة" (ع ١) ووضح أن المحاباة "خطية" فقال: "ولكن إنْ كنتُم تُحابونَ، تفعَلونَ خَطيَّةً، موَبَّخينَ مِنَ النّاموسِ كمُتَعَدّينَ." (ع ٩).
ولم يكتف بالتحذير من احتقار الفقراء لكنه اشار أيضًا لأهمية العطاء والمشاركة موضحًا أن حياة العطاء هي الثمر الطبيعي والضروري لكل من يقول أن له إيمان، فيقول: "هكذا الإيمانُ أيضًا، إنْ لَمْ يَكُنْ لهُ أعمالٌ، مَيِّتٌ في ذاتِهِ." (ع ١٧). رسالة الرسول يعقوب لنا اليوم واضحة ومهمة وتتلخص في:
- الحذر من خطية المحاباة
- العطاء برهان للإيمان الحي والفعال
- الأعمال الصالحة هي ثمر ونتاج الإيمان الحقيقي
أصلي يا الله ألا أتأثر بمقاييس العالم في الحكم على الأشخاص بمظاهرهم أو مستواهم المادي، لكن بإيمان حقيقي فعال أقدم محبة واحترام لكل الناس، وأن أعطي بسخاء وفرح لكل محتاج. آمين.
تأمل: اختَبَرتَني وعَرَفتَني
مزمور ١٣٩
حاول آدم وحواء الاختباء من الله عندما سقطا في الخطية (تكوين ٨:٣) وحاول يونان الهروب من وجه الرب حتى لا يذهب إلى نينوى (يونان ٣:١). ومازال الكثيرون يظنون أن الله لا يرى ما يفعلونه في الخفاء! فالإنسان منا عندما يخطئ يُفضل أن يعيش في الظلام حتى لا يُفتَضَح أمره، لكن داود في هذا المزمور يحمد الرب لأنه يعرف كل شئ، فهو يعرف ما بداخله وما يفكر فيه ويعرف كل طرقه وكل كلمة على لسانه (ع ١-٤) لذا يشعر داود بالأمان التام فيقول: "فهناكَ أيضًا تهديني يَدُكَ وتُمسِكُني يَمينُكَ" (ع ١٠) ويحمد داود الرب لأنه الإله الخالق الذي يعرف أصغر وأدق التفاصيل عنه حتى وهو مازال في رحم أمه فيقول: "أحمَدُكَ مِنْ أجلِ أنّي قد امتَزتُ عَجَبًا. عَجيبَةٌ هي أعمالُكَ، ونَفسي تعرِفُ ذلكَ يَقينًا." (ع ١٤).
نعم يحاول الإنسان الخاطئ الاختباء والهروب من وجه الرب، لكن اولاد الله يشعرون بالامتياز العظيم لرعاية الله لهم ولمعرفته بأدق تفاصيل حياتهم.
لنتحد اليوم في الصلاة مع داود طالبين من الرب أن يفحص دواخلنا ويكشف أفكارنا.
"اختَبِرني يا اللهُ واعرِفْ قَلبي. امتَحِنّي واعرِفْ أفكاري. وانظُرْ إنْ كانَ فيَّ طَريقٌ باطِلٌ، واهدِني طَريقًا أبديًّا." (ع ٢٤،٢٣)
تأمل: اللص الهارب
فليمون
هذه الرسالة القصيرة التي يرسلها الرسول بولس إلى فليمون تتحدث عن أنسيمُس عبد فليمون، الذي سرق سيده وهرب منه. لكن نعمة الله تقابلت معه عن طريق الرسول بولس وهو مسجون لأجل السيد المسيح. ويقول الرسول بولس عن أنسيمُس أنه "ابْنِي .. الَّذِي وَلَدْتُهُ فِي قُيُودِي" (ع ١٠). ويمثل أنسيمُس نموذجًا لحياة كل واحد فينا، فقد كنا مثله:
- عبيدًا، لكن صرنا في المسيح أخوة محبوبين (ع ١٦؛ رو٢٩:٨).
- غير نافعين، لكن صرنا بسبب عمل السيد المسيح نافعين (ع ١١؛ ٢تي٢١:٢).
- ظالمين ومديونين للرب سيدنا، لكن دفع المسيح الدين عوضًا عنا وخلصنا (ع ١٩،١٨؛ يوحنا٢٤:٥).
- هاربين من الله نخشى غضبه وعقابه، لكن المسيح قد ردنا وصالحنا مع الله (ع ١٢، ١٥، ١٧؛ ٢كو١٨:٥).
كما أن محبة بولس الرسول لأنسيمُس، العبد السارق الهارب، تنبع من محبة المسيح التي انسكبت في قلبه بالروح القدس. لذلك، فهي تمثل محبة الله لنا. قال الرسول بولس عن أنسيمُس: "ابني"، "نافع لي"، "أحشائي"، "أخًا محبوبًا"، "نظيري". وهذه الكلمات تعبِّر عما في قلب الله لكل واحد فينا.
عزيزي القارئ، إن كنت تهرب من الله ظانًا أنه لن يقبلك بسبب كل ما اقترفته من شرور وآثام، فاعلم أنه يبحث عنك، وأنه يحبك جدًا، ويريد أن يغمرك بمحبته المغيرة للحياة التي جعلت من أنسيمُس خادمًا للرب.