رسائل تأمل اليوم
تأمل: مُظهِرينَ كُلَّ وداعَةٍ
تيطس ٣
يطلب الرسول بولس من تيطس أن يُذكِّر المؤمنين أن يكونوا مستعدين لكل عمل صالح، ويتحدث عن أحد أوجه تلك الأعمال الصالحة فيقول: "ولا يَطعَنوا في أحَدٍ، ويكونوا غَيرَ مُخاصِمينَ، حُلَماءَ، مُظهِرينَ كُلَّ وداعَةٍ لجميعِ النّاسِ." (ع ٢). لو نظرنا إلى واقعنا اليوم نجد أن كثير من المؤمنين يقعون في فخ الخصام والجدال المستمر، وربما مقاطعة الآخرين لوجود اختلاف في وجهات النظر في أمور لا يجب أن تكون سببًا للخصام، يدعوها الرسول بولس "المباحثات الغبية" (ع ٩).
بل ويطلب من المؤمنين أن يظهروا وداعة "لجميع الناس"، ليس فقط المتفقون معنا في العقيدة أو الفكر أو السلوك لكن حتى هؤلاء الذين يختلفون عنا كليًا. ويوضح سبب ذلك قائلًا: "لأنَّنا كُنّا نَحنُ أيضًا قَبلًا أغبياءَ، غَيرَ طائعينَ، ضالّينَ، مُستَعبَدينَ لشَهَواتٍ ولَذّاتٍ مُختَلِفَةٍ، عائشينَ في الخُبثِ والحَسَدِ، مَمقوتينَ، مُبغِضينَ بَعضُنا بَعضًا." (ع ٣). لذا، إذا كان الله قد أنار أذهاننا لنعرفه ولندرك الحق فذلك ليس لفضل فينا، "ولكن حينَ ظَهَرَ لُطفُ مُخَلِّصِنا اللهِ وإحسانُهُ - لا بأعمالٍ في برٍّ عَمِلناها نَحنُ، بل بمُقتَضَى رَحمَتِهِ- خَلَّصَنا بغُسلِ الميلادِ الثّاني وتَجديدِ الرّوحِ القُدُسِ" (ع ٥،٤).
يا رب دربنا لنلاحظ كلماتنا وتصرفاتنا حتى لا نقع في خطية الإدانة والاستعلاء على الآخرين بل لنتعامل بوداعة ولطف مظهرين نعمة الله في حياتنا في كل وقت. آمين
تأمل: لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ
مزمور ١٣٦
لا نعلم بالتحديد من هو كاتب هذا المزمور، لكننا نقرأ أن اللاويين رنموا هذا المزمور في عهد الملك داود، وعند تدشين الهيكل في عهد الملك سليمان (٢ أخبار الأيام ٦:٧). وترنم به الملك يهوشفاط هو وكل الشعب في حربهم مع بني مؤآب وبني عمون (٢ أخبار الأيام ٢١:٢٠). ويتميز هذا المزمور بتكرار جملة "لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ" في كل الأعداد، ليؤكد للمرنمين والسامعين أن رحمة الله تظهر في كل أفعاله تجاه بني البشر.
نحتاج في كل وقت أن نُذَكّر أنفسنا أن حياتنا بالكامل مرتبطة برحمة الله العظيمة، فقد خلق كل الخليقة لأنه رحيم ، وخلصنا وأنقذنا لأنه رحيم، ويرعانا ويهتم بنا ويشبعنا لأنه رحيم. فلا يظن أحد منا أن ننال أي شيء عن استحقاق، لكننا نتكل تمامًا على رحمة الله الغنية. ظن الفريسي أنه يستطيع أن ينال رضا الله لأنه يفعل الصالحات ولكونه أفضل من غيره، بينما تأكد العشار أنه لا يستطيع أن يقترب من الله إلا على حساب رحمته، وبالرغم من خطاياه، فقال السيد المسيح: "إنَّ هذا نَزَلَ إلَى بَيتِهِ مُبَرَّرًا دونَ ذاكَ، لأنَّ كُلَّ مَنْ يَرفَعُ نَفسَهُ يتَّضِعُ، ومَنْ يَضَعُ نَفسَهُ يَرتَفِعُ." (لوقا ١٤:١٨)
تأمل: بارِكوا الرَّبَّ
مزمور ١٣٥
عندما نعتاد على بركات ما في حياتنا، لا ندرك أهميتها أو قيمتها إلا عندما نرى آخرين يفتقدون تلك النعم والهبات. كاتب المزمور يطلب من المرنمين أن يسبحوا الله وأن يرنموا له (ع ٣). ويلفت أنظارهم لأمور ربما اعتادوها لكنهم لابد أن يذكروها ويحمدوا الرب عليها، فهو:
- صالح وعظيم وفوق جميع الآلهة. (ع ٥،٣)
- اختارهم لذاته (ع ٤)
- الخالق العظيم وله وحده كل السلطان (ع ٧،٦)
- المخلص (ع ٨-١١)
- الديان العادل والإله الرحيم (ع ١٤)
أليس إدراكنا لصفات الله امتيازًا عظيمًا لابد أن نشكر الله عليه؟ لقد أنار أذهاننا لمعرفته!
ألا يجب علينا أن نبارك الله ليلًا ونهارًا لأجل خلاصه ورحمته لنا؟
ألا ينبغي أن نظل طوال الحياة خاضعين لمشيئته طائعين لوصاياه لأنه الديان العادل؟
يا خائفي الرَّبِّ، بارِكوا الرَّبَّ. (ع ٢٠)
تأمل: أكمَلتُ السَّعيَ
٢ تيموثاوس ٤
من خلال قراءتنا لأسفار العهد الجديد نعرف الكثير عن الرسول بولس، فمن خلال سفر أعمال الرسل نقرأ عن حياته ورحلاته التبشيرية، كما نقرأ تعاليمه من خلال رسائله الكثيرة سواء للكنائس أو للأفراد. ويذكر الرسول بولس بعض ما مر به من ضيقات واضطهادات في ٢ كورنثوس١١، وهو أكثر من سافر وتنقل في رحلات تبشيرية لبلاد كثيرة، وأكثر من فتح الكنائس في تلك المدن، لذا لُقب برسول الأمم.
وفي ختام رسالته لتلميذه تيموثاوس يعلن الرسول بولس عن قرب رحيله (ع ٦)، ويقول: "قد جاهَدتُ الجِهادَ الحَسَنَ، أكمَلتُ السَّعيَ، حَفِظتُ الإيمانَ .." (ع ٧).
قد جاهد الجهاد الصحيح والقانوني (٢ تيموثاوس ٥:٢) بلا كلل، وأكمل السعي إذ تبع سيده بكل إخلاص وتفاني مبشرًا ومعلمًا، وحفظ الإيمان فلم يشك في إلهه ولم يحد عن ما تعلمه منه لكنه تمسك بإيمانه حتى في أصعب الظروف والضيقات التي مر بها، قائلًا: "لأنَّني عالِمٌ بمَنْ آمَنتُ، وموقِنٌ أنَّهُ قادِرٌ أنْ يَحفَظَ وديعَتي إلَى ذلكَ اليومِ" (٢ تيموثاوس ١٢:١).
صلاتي يا إلهي أن أحيا أمينًا لك طول الحياة، شاهدًا عن محبتك وخلاصك، مجاهدًا كل يوم بحسب عملك الذي يعمل فيَّ بقوة روحك القدوس، وحافظًا للإيمان بكل أمانة وإخلاص. آمين.