رسائل تأمل اليوم
تأمل: اركُضوا لكَيْ تنالوا
١ كورنثوس ٩
يشبِّه الرسول بولس الحياة المسيحية بالسباق، من يسعى ويجري ويتعب ويصل إلى نقطة النهاية ينال المكافأة. المكافأة هي كل ما يفكر فيه المتسابقون، ولذلك يأخذون الأمر بجدية كاملة من خلال تدريبات مستمرة، والاهتمام بالصحة والطعام، والابتعاد عن كل ما من شأنه إضعاف عزيمتهم وأبدانهم.
عندما نتأمل كلمات الرسول بولس عن الذين يجرون ويسعون من أجل مكافأة الرب، ندرك أنه ربما نعاني من عدم الالتزام، فنحن لا نأخذ علاقتنا بالرب بالجدية الكافية. لم يكن قصد الرسول بولس هنا أن يُضعف عزيمتنا أو أن يثبط هممنا عن المحاولة، بل على العكس يدعونا للاشتراك في السباق وأن نجعل الهدف نصب أعيننا وأن نتطلع إلى المكافأة (متى ٢١:٢٥). متى شعرت أنك لا تستطيع كسب السباق، تذكر دائمًا وعود الرب بالمعونة "لأنَّ اللهَ لَمْ يُعطِنا روحَ الفَشَلِ، بل روحَ القوَّةِ والمَحَبَّةِ والنُّصحِ." (٢ تيموثاوس ٧:١).
يا الله أعني حتى أتحرر من القيود التي تبعدني عن الاشتراك في السباق. أعني حتى أرى الهدف بوضوح، وامنحني القوة للجهاد والسعي حتى أنال المكافأة. آمين.
تأمل: حرية ومحبة
١ كورنثوس ٨
الحديث عن الحرية يملأ الأجواء التي حولنا. كثير من الناس ينادون بالحرية، ولكن قليلون هم الذين يسألون أنفسهم ما هي "الحرية الحقيقة"؟ هل هي أن نفعل كل ما يروق لنا؟ وأن نسلك الطريق كيفما نشاء بغير اعتبار للآخرين، حتى لو سبب ذلك متاعب لهم؟ بالتأكيد ليست هذه هي الحرية. يتحدث هنا الرسول بولس عن نوع أرقى من الحرية أساسه محبة الله.
في خدمتنا للآخرين ينبغي أن نتوقع أن هناك حدودًا لحريتنا، كما ينبغي أيضًا أن نضحي (ع١٣،٩). كل مشاعرنا وميولنا وتصرفاتنا ينبغي أن تُبنى على أساس محبتنا لله، لأنه بالمحبة وليس بسلطاننا أو معرفتنا نكسب الآخرين لله (ع١١). النفس التي تمتلئ بمحبة الله تتغير داخليًا ويظهر نور الله من خلال تصرفاتها وأقوالها ومعاملاتها. الإنسان الذي يحب الله ليس في قلبه بغضة، ولا يعرف الغضب أو الحقد، يتألم لآلام الآخرين ويحس بمتاعبهم، ويسعى دائمًا لمشاركتهم ومعونتهم.
اللهم املأ قلبي بالمحبة لاسمك المبارك القدوس فيتسع لمحبة جميع الناس، وامنحني الحرية الحقيقية التي لنا فيك، فأحيا لك كل أيام حياتي. آمين.
تأمل: وحِّدْ قَلبي لخَوْفِ اسمِكَ
٢ ملوك ١٠
قام ياهو بالقضاء على كل بيت أخاب حسب قول الرب (ع١١،١٠)، كما أمر بقتل جميع أنبياء البعل وهدم بيت البعل وحرق التماثيل (٢٥-٢٧). يقول الوحي "واستأصَلَ ياهو البَعلَ مِنْ إسرائيلَ." (ع٢٨).
لا شك أن ما فعله ياهو هو أمر عظيم، ومن المؤكد أنه أحسن العمل إذ قام بالقضاء على عبادة البعل، حتى أن الرب أشاد بما فعله ياهو (ع٣٠)، لكننا نكتشف أن ياهو لم يتمم شريعة الرب بكل قلبه، إذ يقول الوحي "ولكن ياهو لَمْ يتَحَفَّظْ للسُّلوكِ في شَريعَةِ الرَّبِّ إلهِ إسرائيلَ مِنْ كُلِّ قَلبِهِ. لَمْ يَحِدْ عن خطايا يَرُبعامَ الّذي جَعَلَ إسرائيلَ يُخطِئُ." (ع٣١)، إذ ابقى على العجول الذهب التي في بيت إيل والتي في دان. (ع٢٩)
نقابل في الكتاب المقدس كثير من الشخصيات الذين قاموا بأعمال عظيمة مثل ياهو، لكنهم مالوا وحادوا عن طريق الرب وفعلوا الشر لأن قلبهم لم يكن كاملًا أمام الرب. والسؤال لنا اليوم هو: هل نحتفظ بخطايا في قلوبنا لم نتُب عنها؟ هل هناك آثام في حياتنا لم نعترف بها؟ هل قلوبنا مستقيمة أمام الرب؟ لتكن صلاتنا مع النبي داود "عَلِّمني يا رَبُّ طريقَكَ. أسلُكْ في حَقِّكَ. وحِّدْ قَلبي لخَوْفِ اسمِكَ." (مزمور ١١:٨٦)
تأمل: أفَلا أشفَقُ أنا؟
يونان ٤
نتعجب في هذا الأصحاح لموقف يونان من توبة أهل نينوى، فنراه في غم شديد وغيظ! (ع١) بل نراه أيضًا يعاتب الله لأنه "رَؤوفٌ ورحيمٌ بَطيءُ الغَضَبِ وكثيرُ الرَّحمَةِ ونادِمٌ علَى الشَّرّ"ِ (ع٢). ومن شدة غيظه وغضبه، نراه يطلب من الله أن يأخذ نفسه منه متمنيًا الموت! (ع٣)
هل تعجبت مثلي من موقف يونان الغريب؟ هل استغربت موقفه شديد التطرف، ليس فقط من نحو أهل نينوى، لكن أيضًا من نحو الله؟
الحقيقة كثيرًا ما نُفكر مثل يونان، وكثيرًا ما نتمنى أن يبيد الله الأشرار. نتمنى أن يُنزل عليهم عقابًا شديدًا، لأنهم صنعوا بنا شرًا، بل وربما نطلب منه أن يمحوهم من على وجه الأرض. هكذا فكر يعقوب ويوحنا تلميذا الرب يسوع عندما رفض أهل السامرة أن يستقبلوا السيد المسيح، فقالا له: «يا رَبُّ، أتُريدُ أنْ نَقولَ أنْ تنزِلَ نارٌ مِنَ السماءِ فتُفنيَهُمْ، كما فعَلَ إيليّا أيضًا؟».فالتَفَتَ وانتَهَرَهُما وقالَ: «لَستُما تعلَمانِ مِنْ أيِّ روحٍ أنتُما! لأنَّ ابنَ الإنسانِ لَمْ يأتِ ليُهلِكَ أنفُسَ النّاسِ، بل ليُخَلِّصَ». (لوقا٥٤:٩-٥٦).
يا رب علمني أن أحب أعدائي، أن أُحسن لمبغضيَّ، وأن أصلي لأجل المسيئين إليَّ. فأتشبه بك في محبتك وشفقتك على الجميع (ع١١). آمين