الرسائل اليومية
تأمل: لنَسهَرْ ونَصحُ
١ تسالونيكي ٥
يشبه الرسول بولس مجيء الرب الثاني بتشبيه صعب لكل من هم في الظلمة "كلِصٍّ في اللَّيلِ هكذا يَجيءُ" (ع ٢)، إذ "يُفاجِئُهُمْ هَلاكٌ بَغتَةً" (ع ٣). لكنه ليس كذلك لأبناء النور والنهار، أولئك الذين ينتظرون مجيء الرب بصبر وفرح. هذا الانتظار له سمات يوصينا بها الرسول بولس في توجيهات واضحة:
- فلا نَنَمْ إذًا كالباقينَ، بل لنَسهَرْ ونَصحُ. (ع ٦)
- فلنَصحُ لابِسينَ دِرعَ الإيمانِ والمَحَبَّةِ، وخوذَةً هي رَجاءُ الخَلاصِ. (ع ٨)
- عَزّوا بَعضُكُمْ بَعضًا وابنوا أحَدُكُمُ الآخَرَ، كما تفعَلونَ أيضًا. (ع ١١)
- أنذِروا الّذينَ بلا ترتيبٍ. شَجِّعوا صِغارَ النُّفوسِ. أسنِدوا الضُّعَفاءَ. تأنَّوْا علَى الجميعِ. (ع ١٤)
- لا يُجازيَ أحَدٌ أحَدًا عن شَرٍّ بشَرٍّ، بل كُلَّ حينٍ اتَّبِعوا الخَيرَ بَعضُكُمْ لبَعضٍ ولِلجميعِ. (ع ١٥)
- افرَحوا كُلَّ حينٍ. صَلّوا بلا انقِطاعٍ. اشكُروا في كُلِّ شَيء. (ع ١٦-١٨)
يا رب علمنا أن نكون متيقظين ساهرين في الصلاة ومتسلحين بالإيمان والمحبة والرجاء. علمنا أن نشجع بعضنا بعضًا ونبني أحدنا الآخر، ننذر ونسند ونتأنى على صغار النفوس والضعفاء. أعطنا أن نفرح ونشكر ونصلي بلا انقطاع، ولنختبر ما قاله الرسول بولس: "إلهُ السَّلامِ نَفسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بالتَّمامِ. ولتُحفَظْ روحُكُمْ ونَفسُكُمْ وجَسَدُكُمْ كامِلَةً بلا لومٍ عِندَ مَجيءِ رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ." (ع ٢٣)، فنكون مستعدين ومتأهبين لمجيئك. آمين.
تأمل: إرادَةُ اللهِ قَداسَتُكُمْ
١ تسالونيكي ٤
عندما تتأمل في سلوكيات كثير من الناس من حولنا نجد أن ما يميز هذا العصر هو البحث عن إشباع الغرائز الجسدية، والتمحور حول الذات في أنانية وفردية، والتعامل بخشونة مع الآخرين، ومحاولة استغلال الآخر للوصول إلى المنفعة الشخصية.
لكن في هذا الأصحاح يحدثنا الرسول بولس عن كيفية السلوك كما يليق بالشخص المسيحي من خلال تطبيقات عملية، مثل:
- قداسة الجسد: "لأنَّ هذِهِ هي إرادَةُ اللهِ: قَداسَتُكُمْ." (ع ٣) والحفاظ على طهارة الجسد والتحكم في الغرائز الجسدية (ع ٥)
- المَحَبَّةُ الأخَويَّةُ (ع ٩): من خلال الازدياد في إظهار المحبة بشكل عملي للآخرين (ع ١٠)
- التعامل والسلوك بهدوء (ع ١١)
- العمل باجتهاد: "تُمارِسوا أُمورَكُمُ الخاصَّةَ، وتَشتَغِلوا بأيديكُمْ أنتُمْ كما أوصَيناكُمْ" (ع ١١)
- السلوك بلياقة وعدم التثقيل على الآخرين (ع ١٢)
ما أعظم تعاليم الكتاب المقدس! وما أنفعها لحياتنا! فإنها تعلمنا أسمى وأروع القيم والمبادئ السلوكية التي ينبغي أن نحياها في كل يوم.
يا رب، "ذَوْقًا صالِحًا ومَعرِفَةً عَلِّمني، لأنّي بوَصاياكَ آمَنتُ" (مزمور ٦٦:١١٩).
تأمل: الخادم الأمين
١ تسالونيكي ١:٢-١٦
يصف لنا الرسول بولس في هذا الأصحاح كيف يكون الخادم الحقيقي وما هي صفاته، وذلك من خلال شرحه لدوافعه وتوجه قلبه أثناء كرازته لأهل كنيسة تسالونيكي. لذا لنتأمل اليوم في تلك الصفات التي تعبر عن قلب الخادم.
- الأمانة في توصيل رسالة الله: "لأنَّ وعظَنا ليس عن ضَلالٍ، ولا عن دَنَسٍ، ولا بمَكرٍ، بل كما استُحسِنّا مِنَ اللهِ أنْ نؤتَمَنَ علَى الإنجيلِ، هكذا نَتَكلَّمُ" (ع ٤،٣)
- إرضاء الله وحده: "لا كأنَّنا نُرضي النّاسَ بل اللهَ الّذي يَختَبِرُ قُلوبَنا. فإنَّنا لَمْ نَكُنْ قَطُّ في كلامِ تمَلُّقٍ كما تعلَمونَ" (ع ٥،٤)
- إنكار الذات: "لا في عِلَّةِ طَمَعٍ. اللهُ شاهِدٌ. ولا طَلَبنا مَجدًا مِنَ النّاسِ، لا مِنكُمْ ولا مِنْ غَيرِكُمْ، مع أنَّنا قادِرونَ أنْ نَكونَ في وقارٍ كرُسُلِ المَسيحِ." (ع ٦،٥)
- العطاء والبذل: "هكذا إذ كُنّا حانّينَ إلَيكُمْ، كُنّا نَرضَى أنْ نُعطيَكُمْ، لا إنجيلَ اللهِ فقط بل أنفُسَنا أيضًا، لأنَّكُمْ صِرتُمْ مَحبوبينَ إلَينا." (ع ٨)
- الاستعداد لدفع التكلفة في كل وقت: "فإنَّكُمْ تذكُرونَ أيُّها الإخوَةُ تعَبَنا وكدَّنا، إذ كُنّا نَكرِزُ لكُمْ بإنجيلِ اللهِ، ونَحنُ عامِلونَ ليلًا ونهارًا كيْ لا نُثَقِّلَ علَى أحَدٍ مِنكُمْ." (ع ٩)
- القدوة والمثل: "أنتُمْ شُهودٌ، واللهُ، كيفَ بطَهارَةٍ وببِرٍّ وبلا لومٍ كُنّا بَينَكُمْ أنتُمُ المؤمِنينَ." (ع ١٠)
هل نتمثل بالرسول بولس في خدمته ومحبته للمخدومين؟ هل نحن على استعداد لتحمل تكلفة الخدمة في كل وقت دون الانتظار لمجد أو مدح من الناس؟ هل دوافعنا طاهرة وحياتنا قدوة صالحة لمن حولنا؟
تأمل: لا تقُلْ إنّي ولَدٌ
إرميا ٢،١
عندما دعا الله إرميا ليكون نبيًا للشعوب (ع ٥:١)، خاف إرميا وقال:"آهِ، يا سيِّدُ الرَّبُّ، إنّي لا أعرِفُ أنْ أتَكلَّمَ لأنّي ولَدٌ." (ع ٦:١). وفي الواقع كان هذا رد فعل كثير من رجال الله في الكتاب المقدس عندما دعاهم الله للخدمة، فهناك موسى الذي قال للرب: ".. استَمِعْ أيُّها السَّيِّدُ، لَستُ أنا صاحِبَ كلامٍ منذُ أمسِ ولا أوَّلِ مِنْ أمسِ، ولا مِنْ حينِ كلَّمتَ عَبدَكَ، بل أنا ثَقيلُ الفَمِ واللِّسانِ" (خروج ١٠:٤). وهناك جدعون الذي قال: "أسألُكَ يا سيِّدي، بماذا أُخَلِّصُ إسرائيلَ؟ ها عَشيرَتي هي الذُّلَّى في مَنَسَّى، وأنا الأصغَرُ في بَيتِ أبي." (قضاة ١٥:٦). وآخرون شعروا أنهم ليسوا بالكفاءة المرجوة أو شعروا بالخوف، أو شعروا أنهم لا يستحقون. في الحقيقة إن ما عبروا عنه هو وصف دقيق لحالتهم وهي أعذار حقيقية لا شك فيها، فإنهم جميعًا لا يستحقون هذا الشرف، وجميعم غير قادرين على إتمام العمل الموكل لهم، وإمكانياتهم ضعيفة ومحدودة. ونتعلم من الكتاب المقدس أن الله لا يختار من يعتقدون أنهم مستحقون أو قادرون، أو أنهم أفضل من غيرهم "بل اختارَ اللهُ جُهّالَ العالَمِ ليُخزيَ الحُكَماءَ. واختارَ اللهُ ضُعَفاءَ العالَمِ ليُخزيَ الأقوياءَ" (١كورنثوس ٢٧:١). لذا أجاب الرب إرميا قائلًا: "لا تقُلْ إنّي ولَدٌ، لأنَّكَ إلَى كُلِّ مَنْ أُرسِلُكَ إليهِ تذهَبُ وتَتَكلَّمُ بكُلِّ ما آمُرُكَ بهِ. لا تخَفْ مِنْ وُجوهِهِمْ، لأنّي أنا معكَ لأُنقِذَكَ، يقولُ الرَّبُّ." (٨،٧:١).
ربما نشعر بضآلتنا وعدم استحقاقنا لخدمة الله، وهذا هو الواقع الذي لابد أن نعترف به، لكن الله في نعمته وقدرته يستطيع أن يستخدمنا لمجد اسمه. "ولكن لنا هذا الكَنزُ في أوانٍ خَزَفيَّةٍ، ليكونَ فضلُ القوَّةِ للهِ لا مِنّا." (٢كورنثوس ٧:٤).