الرسائل اليومية
تأمل: لا تقُلْ إنّي ولَدٌ
إرميا ٢،١
عندما دعا الله إرميا ليكون نبيًا للشعوب (ع ٥:١)، خاف إرميا وقال:"آهِ، يا سيِّدُ الرَّبُّ، إنّي لا أعرِفُ أنْ أتَكلَّمَ لأنّي ولَدٌ." (ع ٦:١). وفي الواقع كان هذا رد فعل كثير من رجال الله في الكتاب المقدس عندما دعاهم الله للخدمة، فهناك موسى الذي قال للرب: ".. استَمِعْ أيُّها السَّيِّدُ، لَستُ أنا صاحِبَ كلامٍ منذُ أمسِ ولا أوَّلِ مِنْ أمسِ، ولا مِنْ حينِ كلَّمتَ عَبدَكَ، بل أنا ثَقيلُ الفَمِ واللِّسانِ" (خروج ١٠:٤). وهناك جدعون الذي قال: "أسألُكَ يا سيِّدي، بماذا أُخَلِّصُ إسرائيلَ؟ ها عَشيرَتي هي الذُّلَّى في مَنَسَّى، وأنا الأصغَرُ في بَيتِ أبي." (قضاة ١٥:٦). وآخرون شعروا أنهم ليسوا بالكفاءة المرجوة أو شعروا بالخوف، أو شعروا أنهم لا يستحقون. في الحقيقة إن ما عبروا عنه هو وصف دقيق لحالتهم وهي أعذار حقيقية لا شك فيها، فإنهم جميعًا لا يستحقون هذا الشرف، وجميعم غير قادرين على إتمام العمل الموكل لهم، وإمكانياتهم ضعيفة ومحدودة. ونتعلم من الكتاب المقدس أن الله لا يختار من يعتقدون أنهم مستحقون أو قادرون، أو أنهم أفضل من غيرهم "بل اختارَ اللهُ جُهّالَ العالَمِ ليُخزيَ الحُكَماءَ. واختارَ اللهُ ضُعَفاءَ العالَمِ ليُخزيَ الأقوياءَ" (١كورنثوس ٢٧:١). لذا أجاب الرب إرميا قائلًا: "لا تقُلْ إنّي ولَدٌ، لأنَّكَ إلَى كُلِّ مَنْ أُرسِلُكَ إليهِ تذهَبُ وتَتَكلَّمُ بكُلِّ ما آمُرُكَ بهِ. لا تخَفْ مِنْ وُجوهِهِمْ، لأنّي أنا معكَ لأُنقِذَكَ، يقولُ الرَّبُّ." (٨،٧:١).
ربما نشعر بضآلتنا وعدم استحقاقنا لخدمة الله، وهذا هو الواقع الذي لابد أن نعترف به، لكن الله في نعمته وقدرته يستطيع أن يستخدمنا لمجد اسمه. "ولكن لنا هذا الكَنزُ في أوانٍ خَزَفيَّةٍ، ليكونَ فضلُ القوَّةِ للهِ لا مِنّا." (٢كورنثوس ٧:٤).
تأمل: سمات متميزة
١ تسالونيكي ١
في بداية الرسالة، يشكر الرسول بولس الله من أجل كنيسة تسالونيكي (ع ٢)، ويذكر لهم سبب ذلك في ٣ نقاط أساسية قائلًا: "مُتَذَكِّرينَ بلا انقِطاعٍ عَمَلَ إيمانِكُمْ، وتَعَبَ مَحَبَّتِكُمْ، وصَبرَ رَجائكُمْ، رَبَّنا يَسوعَ المَسيحَ، أمامَ اللهِ وأبينا." (ع ٣). لنتأمل سويًا في تلك السمات المتميزة لهذه الكنيسة.
- عَمَلَ إيمانِكُمْ: أهم ما يميز الإيمان الحقيقي هو أن له عملًا، يُنتج ثمرًا جيدًا يُعبر عن عمق هذا الإيمان وأصالته. وهو ما يؤكده الوحي المقدس إذ يقول: "هكذا الإيمانُ أيضًا، إنْ لَمْ يَكُنْ لهُ أعمالٌ، مَيِّتٌ في ذاتِهِ." (يعقوب ١٧:٢).
- تَعَبَ مَحَبَّتِكُمْ: المحبة الحقيقة محبة باذلة ومعطاءة، مستعدة دائمًا لتحمل التكلفة ودفع الثمن، فهي "تَحتَمِلُ كُلَّ شَيءٍ، وتُصَدِّقُ كُلَّ شَيءٍ، وتَرجو كُلَّ شَيءٍ، وتَصبِرُ علَى كُلِّ شَيءٍ." (١كورنثوس ٧:١٣).
- صَبرَ رَجائكُمْ: استطاعت كنيسة تسالونيكي أن تصبح قدوة لكنائس أخرى (ع ٧) إذ قبلوا الكلمة بفرح الروح القدس بالرغم من الضيق الكثير (ع ٦). وأيضًا يقول عنهم: "وتَنتَظِروا ابنَهُ مِنَ السماءِ، الّذي أقامَهُ مِنَ الأمواتِ، يَسوعَ، الّذي يُنقِذُنا مِنَ الغَضَبِ الآتي." (ع ١٠).
يا رب هبنا أن نتمثل بأهل كنيسة تسالونيكي فيكون لإيماننا عمل تام، ولتكن محبتنا لا بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق، ولنصبر في كل شيء واضعين رجاءنا في ربنا يسوع المسيح. آمين.
تأمل: مَسكَنُ اللهِ مع النّاسِ
رؤيا ٢١، ٢٢
نجد في ختام سفر الرؤيا وصفًا رائعًا ومبهجًا للسماء التي يتوق إليها كل ابن لله، فيعبر يوحنا عن اشتياقه إليها قائلًا: "آمينَ. تعالَ أيُّها الرَّبُّ يَسوعُ." (٢٠:٢٢). لكن أروع ما في هذا المشهد هو ما قاله صوت عظيم من السماء: "هوذا مَسكَنُ اللهِ مع النّاسِ، وهو سيَسكُنُ معهُمْ، وهُم يكونونَ لهُ شَعبًا، واللهُ نَفسُهُ يكونُ معهُمْ إلهًا لهُمْ." (٣:٢١). نعم ليس هناك أعظم من هذا، أن الله يسكن مع شعبه ماسحًا كل دمعة من عيونهم، صانعًا كل شيء جديدًا (٢١: ٥،٤).
وعندما نقرأ ما أعلنه الوحي أن السيد المسيح سيأتي سريعًا (ع ٧:٢٢)، ربما نتساءل متى يأتي السيد المسيح؟ يقول الرسول بولس: "هذا وإنَّكُمْ عارِفونَ الوقتَ، أنَّها الآنَ ساعَةٌ لنَستَيقِظَ مِنَ النَّوْمِ، فإنَّ خَلاصَنا الآنَ أقرَبُ مِمّا كانَ حينَ آمَنّا. قد تناهَى اللَّيلُ وتَقارَبَ النَّهارُ، فلنَخلَعْ أعمالَ الظُّلمَةِ ونَلبَسْ أسلِحَةَ النّورِ." (رومية ١١:١٣و١٢). هذا هو ما ينبغي أن نفكر فيه وما يجب أن نكون عليه، أن نبقى في استعداد دائم لمجيء الرب يسوع، طائعين لوصية السيد المسيح "اِسهَروا إذًا لأنَّكُمْ لا تعلَمونَ في أيَّةِ ساعَةٍ يأتي رَبُّكُمْ." (متى ٤٢:٢٤) لأنه "طوبَى للّذينَ يَصنَعونَ وصاياهُ لكَيْ يكونَ سُلطانُهُمْ علَى شَجَرَةِ الحياةِ، ويَدخُلوا مِنَ الأبوابِ إلَى المدينةِ" (١٤:٢٢)
تأمل: أحفَظَها بكُلِّ قَلبي
مزمور ٣٣:١١٩-٦٤
في قراءة اليوم نجد كاتب المزمور يطلب من الله طلبات محددة خاصة بكلمة الله، فيقول:
- عَلِّمني يا رَبُّ طريقَ فرائضِكَ، فأحفَظَها إلَى النِّهايَةِ. (ع ٣٣)
- فهِّمني فأُلاحِظَ شَريعَتَكَ، وأحفَظَها بكُلِّ قَلبي. (ع ٣٤)
- دَرِّبني في سبيلِ وصاياكَ، لأنّي بهِ سُرِرتُ. (ع ٣٥)
عَلِّمني: فعندما نتعرف على كلمة الله الحية ونتعلمها، يتشكل ذهننا بها وتنطبع الكلمة في عقولنا ونبدأ رحلة التعلم التي لا تنتهي.
فهِّمني: عمق كلمة الله يحتاج إلى الفهم واستنارة بالروح القدس لكي نستطيع أن نفهم ما تعلمناه، يقول الرسول بولس: " الّذينَ فيهِمْ إلهُ هذا الدَّهرِ قد أعمَى أذهانَ غَيرِ المؤمِنينَ، لئَلّا تُضيءَ لهُمْ إنارَةُ إنجيلِ مَجدِ المَسيحِ ، الّذي هو صورَةُ اللهِ." (رومية ٤:٤)، يحاول عدو الخير تشتيت العقول عن فهم كلمة الله لذا لتكن صلاتنا يا رب " فهِّمني فأُلاحِظَ شَريعَتَكَ".
دَرِّبني: إن السلوك حسب كلمة الله والحياة في وصاياه يحتاج إلى التدريب المستمر، فهي حياة جهاد ويقظة مستمرة لنتمم الوصية: " فاثبُتوا مُمَنطِقينَ أحقاءَكُمْ بالحَقِّ، ولابِسينَ دِرعَ البِرِّ، وحاذينَ أرجُلكُمْ باستِعدادِ إنجيلِ السَّلامِ." (أفسس ١٤:٦و١٥)
يا رب علمني شريعتك، لأفهم قصدك فأتدرب كل يوم لأسلك بالتدقيق كما يليق وأتَلَذَّذُ بوَصاياكَ الّتي أحبَبتُ. وأرفَعُ يَدَيَّ إلَى وصاياكَ الّتي ودِدتُ، وأُناجي بفَرائضِكَ. (ع ٤٨،٤٧)