الرسائل اليومية
تأمل: إلَى الأبدِ عَهدَهُ
مزمور ١١١
نحن نعيش في عالم مليء بالمتغيرات، يبحث فيه الإنسان عن الاستقرار على مختلف المستويات، إلا أن سرعة إيقاع الأحداث وتغير الظروف من حوله تجعله دائمًا في حالة عدم يقين من جهة الأمور الحاضرة أو المستقبلية. فمن منا يضمن صحته أو ماله أو عمله أو ممتلكاته؟ لذا يعيش معظم الناس في حالة من القلق والترقب والخوف من الغد المجهول.
لكن كاتب هذا المزمور وضع ثقته في من لا يتغير، أسس رجائه على "الّذي ليس عِندَهُ تغييرٌ ولا ظِلُّ دَوَرانٍ" (يعقوب ١٧:١)، وذلك لأن "يَسوعُ المَسيحُ هو هو أمسًا واليومَ وإلَى الأبدِ." (عبرانيين ٨:١٣).
فيصف كاتب المزمور أعمال الله مترنمًا:
- "جَلالٌ وبَهاءٌ عَمَلُهُ، وعَدلُهُ قائمٌ إلَى الأبدِ." (ع ٣)
- "أعطَى خائفيهِ طَعامًا. يَذكُرُ إلَى الأبدِ عَهدَهُ." (ع ٥)
- "كُلُّ وصاياهُ أمينَةٌ. ثابِتَةٌ مَدَى الدَّهرِ والأبدِ" (ع ٨،٧)
- "أرسَلَ فِداءً لشَعبِهِ. أقامَ إلَى الأبدِ عَهدَهُ." (ع ٩)
لذا "تسبيحُهُ قائمٌ إلَى الأبدِ." (ع ١٠)
يا رب أحمدك وأسبحك لأن عدلك قائم للأبد، وصاياك ثابتة إلى الأبد، عهدك راسخ إلى الأبد. آمين.
تأمل: ها العَذراءُ تحبَلُ وتَلِدُ ابنًا
إشعياء ٧، ٨
يعتقد الكثيرون أن المعجزات كفيلة بأن تقنع الإنسان بقوة وسلطان صانع المعجزة، فتيسر عليه الإيمان والاقتناع برسالته. لكن الكتاب المقدس يوضح لنا أن اليهود الذين رأوا الكثير من المعجزات تُجرى بسلطان السيد المسيح، لم يؤمنوا به أو برسالته بل قاوموه مقاومة شديدة ورفضوا بشارته إلى حد الحكم عليه بالموت!
وها هو آحاز الملك يقع في خوف شديد عند سماعه باقتراب الأعداء من مملكة يهوذا (٢:٧). ومع أن رسالة الرب له كانت واضحة قائلًا: "اِحتَرِزْ واهدأْ. لاتخَفْ ولا يَضعُفْ قَلبُكَ" (٤:٧)، إلا أنه ظل متخوفًا مرتابًا، فقال له الرب: "اُطلُبْ لنَفسِكَ آيَةً مِنَ الرَّبِّ إلهِكَ. عَمِّقْ طَلَبَكَ أو رَفِّعهُ إلَى فوقٍ." (١١:٧). وعندما رفض آحاز أن يطلب آية من الرب، صرح الوحي المقدس بأمر عجيب قائلًا: "ولكن يُعطيكُمُ السَّيِّدُ نَفسُهُ آيَةً: ها العَذراءُ تحبَلُ وتَلِدُ ابنًا وتَدعو اسمَهُ «عِمّانوئيلَ»."
وبالرغم من تحقيق هذه النبوة من خلال أعظم معجزة في تاريخ البشرية وهي ميلاد السيد المسيح، ما زال هناك متشككين وناكرين لطبيعة ورسالة الرب يسوع المسيح الإله المتجسد لخلاص الإنسان. "عمانوئيل" الله معنا، عاش بيننا ليُجسد طبيعة ومحبة الله لنا، إذ أن "اللهُ لَمْ يَرَهُ أحَدٌ قَطُّ. الِابنُ الوَحيدُ الّذي هو في حِضنِ الآبِ هو خَبَّرَ" (يوحنا ١٨:١).
يا رب أحمدك "لأنَّ ابنَ الإنسانِ قد جاءَ لكَيْ يُخَلِّصَ ما قد هَلكَ". (متى ١١:١٨)
تأمل: قُدّوسٌ رَبُّ الجُنودِ
إشعياء ٦،٥
من المؤكد أن المشهد المهيب الذي رآه النبي إشعياء في الهيكل قد غيَّر كثيرًا من فكره عن الله القدوس وعن محدوديته هو كإنسان، فعندما رأى إشعياء النبي سيد كل المسكونة في بهائه وسمع الملائكة تسبح وتقول: «قُدّوسٌ، قُدّوسٌ، قُدّوسٌ رَبُّ الجُنودِ. مَجدُهُ مِلءُ كُلِّ الأرضِ». (٣:٦)، أدرك أنه نجس الشفتين وساكن بين شعب نجس الشفتين (٥:٦). وفي وسط حيرة وحزن إشعياء على حالته، يأتي الملاك بجمرة من على المذبح ليطهر شفتيه (٧،٦:٦).
نحن أيضًا حينما نتواجد في محضر الله القدوس، ندرك أننا خطاة وعاجزين عن تطهير ذواتنا وغير قادرين على خلاص أنفسنا، "ولكن لَمّا جاءَ مِلءُ الزَّمانِ، أرسَلَ اللهُ ابنَهُ مَوْلودًا مِنِ امرأةٍ، مَوْلودًا تحتَ النّاموسِ، ليَفتَديَ الّذينَ تحتَ النّاموسِ، لنَنالَ التَّبَنّيَ." (غلاطية ٤:٤-٥)، فلم نعد نحتاج إلى جمرة لتطهير شفاهنا بل كما قال الرسول يوحنا: " دَمُ يَسوعَ المَسيحِ ابنِهِ يُطَهِّرُنا مِنْ كُلِّ خَطيَّةٍ" (١يوحنا٧:١).
تأمل: أَمَّا أَنَا فَصَلاَةٌ
مزمور ١:١٠٩-١٩
يخبرنا المزمور كيف يواجه داود ظروفًا صعبة (ع ٢-٥)، فالأشرار يتكلمون عليه بسوء، ويحتالون عليه ليؤذوه، ويكذبون عليه، ويحيطونه بكلام مليء بالكره، ويتقاتلون معه دون سبب، ويعادونه رغم أنه يحبهم. يكافئون معاملته الطيبة لهم بالشر، ويكافئون محبته لهم بالكراهية.
عندما نواجه مثل هذه الأمور، ماذا عسانا أن نفعل؟ وإلى من نلجأ؟
في مواجهته لكل هذا، يقول كاتب المزمور: "أَمَّا أَنَا فَصَلاَةٌ" (ع ٤). هذه الجملة قد تعني أن الصلاة ستكون الطريقة التي سيواجه بها كاتب المزمور بُغض مضايقيه. وقد تعني أنه سيفرغ نفسه تمامًا للصلاة، ليستطيع مواجهة كل هذه الظروف الصعبة، فهو لن يلجأ إلى أي شيء آخر سوى الصلاة. وقد تعني أن طبيعته هي الاتكال على الرب والصلاة له دائمًا.
إن الصلاة هي التعبير عن الاتكال على الرب والالتجاء إليه. ولا يجب أن تكون الصلاة فقط عندما نواجه ظرفًا صعبًا، بل يجب أن تكون باستمرار، لأننا لا نتكل على أنفسنا ولا على ذراع بشر، بل على الرب وحده.
يقول الكتاب: "وَاظِبُوا عَلَى الصَّلاَةِ سَاهِرِينَ فِيهَا بالشُّكرِ" (كو٢:٤). فالمواظبة على الصلاة، والحرص الشديد على أن نصلي دائمًا، ينبغي أن تكون أولويتنا.
إلهي الحبيب، هبني أن أواظب على الصلاة، متكلًا عليك في كل ظروف حياتي. هبني ألا ألتجئ إلى سواك، واثق أنك تسمعني وتستجيب لي. آمين.