الرسائل اليومية
تأمل: يَكشِفُ العَمائقَ والأسرار
أيوب ١٢
"يَكشِفُ العَمائقَ مِنَ الظَّلامِ" (أيوب ١٢: ٢٢).
تشبه هذه العبارة ما قاله النبي دانيال: "هو يَكشِفُ العَمائقَ والأسرارَ. يَعلَمُ ما هو في الظُّلمَةِ، وعِندَهُ يَسكُنُ النّورُ" (دانيال ٢: ٢٢). فواضح أن الشر المخفي عن عيون الناس، ظاهر لعيني الله نفسه. وهذا ما قاله يوسف عن الخطية في تكوين ٣٩: ٩، وما قاله داود أيضًا في مزمور ٥١: ٤. لكن الرب يستر على الإنسان مرة ومرات، ليس موافقة على أعماله، بل ليعطيه فرصة للتوبة. أما في يوم الدينونة، فسيفضح الله الأعمال والسرائر (رومية ٢: ١٦)، ولن ينجو من حساب يوم الدينونة إلا من تاب عن خطاياه واحتمى في دم المسيح (يوحنا ٣: ١٤-١٨؛ بطرس الأولى ١: ١٩).
وثلاث مرات، يذكر الرب في الموعظة على الجبل: "أبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية،" عن الصدقة وعن الصلاة وعن الصوم (متى ٦: ٤، ٦، ١٨). وفي تلك المرات يؤكِّد الرب على إكرام الآب السماوي لمن يحبونه بإخلاص ويفعلون الخير، لا لكي تراهم الناس وتمدحهم.
تأمل: العبد الرديء والعبد الحكيم
متى ٢٤: ٣٢-٥١
العبد الحكيم هو الذي أقامه سيده على بيته ليعطي الطعام في حينه. فالخدمة وسط قطيع الرب تحتاج لحكمة نازلة من فوق، وتحتاج أيضًا للأمانة. لأجل ذلك أعطاه الرب اتساعًا، لأنه كان أمينًا في القليل، فأقامه سيده على الكثير (ع ٤٧).
ولكن هناك عبد ردئ قال في قلبه: "سيدي يبطيء قدومه،" فتكيفت حياته مع هذه القناعة الخاطئة، فكانت النتائج وخيمة! حيث اتسمت حياته بالشراسة والنجاسة، فظهرت الشراسة في أنه كان يضرب العبيد رفقاءه، وظهرت النجاسة في أنه كان يأكل ويشرب مع السكارى. ودائمًا هاتان الصفتان مقترنتان.
فعندما يغيب مجيء الرب القريب عن الأعين، كما هنا مع هذا العبد، لا تأتي سوى النتائج الوخيمة المترتبة على ذلك. وكلما كان التفكير في أن الرب قريب (فيلبي ٤: ٥)، عندئذ يكون حلمنا معروفًا عند جميع الناس، فنكون شخصيات مسالمة تجدّ للسلام وتطلبه، وتكون القداسة العملية هي طابع حياتنا.
تأمل: العطاء للفقراء
تثنية ١٥، ١٦
في تثنية ١٥: ١١، ذكر الوحي: "لأنَّهُ لا تُفقَدُ الفُقَراءُ مِنَ الأرضِ. لذلكَ أنا أوصيكَ قائلًا: افتَحْ يَدَكَ لأخيكَ المِسكينِ والفَقيرِ في أرضِكَ." نتعلم من هذا أن الفقراء موجودون في كل مكان وكل زمان، في أغنى البلاد وأفقرها. ويجب أن نعرف أن الله يسمح بوجود إخوة لنا فقراء، ليس فقط لاحتياجهم لنا، بل لاحتياجنا نحن لهم. فبدونهم، كيف نتعلّم العطاء وممارسة المحبة عمليًا؟! وعندما نعطي، فنحن نُعبِّر عن مشاعر الرب تجاه المحتاجين، واهتمامه ورعايته بهم. ومن جهة أخرى، فإن ما نعطيه هو من جود وعطايا الرب نفسه.
لقد وعد الرب بإكرام مَنْ ينظر إلى المسكين:
"طوبَى للّذي يَنظُرُ إلَى المِسكينِ. في يومِ الشَّرِّ يُنَجّيهِ الرَّبُّ. الرَّبُّ يَحفَظُهُ ويُحييهِ. يَغتَبِطُ في الأرضِ، ولا يُسَلِّمُهُ إلَى مَرامِ أعدائهِ. الرَّبُّ يَعضُدُهُ وهو علَى فِراشِ الضُّعفِ. مَهَّدتَ مَضجَعَهُ كُلَّهُ في مَرَضِهِ" (مزمور ٤١: ١-٣).
"مَنْ يُعطي الفَقيرَ لا يَحتاجُ، ولِمَنْ يَحجِبُ عنهُ عَينَيهِ لَعَناتٌ كثيرَةٌ" (أمثال ٢٨: ٢٧).
"إنْ كانَ فيكَ فقيرٌ، ... فلا تُقَسِّ قَلبَكَ، ولا تقبِضْ يَدَكَ عن أخيكَ الفَقيرِ،... أعطِهِ ولا يَسوءْ قَلبُكَ عندما تُعطيهِ، لأنَّهُ بسَبَبِ هذا الأمرِ يُبارِكُكَ الرَّبُّ إلهُكَ في كُلِّ أعمالِكَ وجميعِ ما تمتَدُّ إليهِ يَدُكَ" (تثنية ١٥: ٧- ١٠).
"فرَّقَ أعطَى المَساكينَ. برُّهُ (جوده) قائمٌ إلَى الأبدِ" (مزمور ١١٢: ٩).
"مَنْ يَرحَمُ الفَقيرَ يُقرِضُ الرَّبَّ، وعَنْ مَعروفِهِ يُجازيهِ" (أمثال ١٩: ١٧).
وكأن الله يقول: إني سأضع نفسي تحت التزام أمامكم، عندما تعطون الفقراء، فكأني مديون لكم وأنتم الدائنون؛ مع أننا في الحقيقة مديونون له بكل شيء.