رسائل تأمل اليوم

تأمل: الحية النحاسية

عدد ٢١
"كما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان، لكي لا يهلك كل مَنْ يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا ٣: ١٤-١٥).
مشابهات بين رفع الحية ورفع الرب يسوع على الصليب
(١) حية: الحية النحاسية تشبه الحية التي تلدغ لكنها بلا سموم، هكذا جاء الرب يسوع كإنسان عاش على الأرض وشابهنا في كل شيء ما عدا الخطية.
(٢) من نحاس: ولابد من دخول النحاس في النيران ليتشكل ويصير على هيئة حية، وهكذا دخل المسيح في النيران حيث أنه على الصليب تمت فيه النبوة "من العلاء أرسل نارًا إلى عظامي فسرت فيها" (مراثي ١: ١٣).
(٣) توضع الحية على راية: أي رفعها ليراها الكل. وهكذا لم يحدث موت المسيح في زاوية بل تم في العيد، حيث كان يهود أتقياء من كل بقاع الأرض في إسرائيل. ومع أن خطة الكهنة كانت ألا يُقتل في العيد لئلا يحدث شغب في الشعب، لكن يبدو أن عرض يهوذا بتسليم الرب لهم جعلهم يتممون الأمر في العيد. وهذا أتاح للكثيرين معرفة أمر الصليب، لدرجة أن يوحنا ١٩: ٢٠ يخبرنا أنه قرأ عنوان علة الصلب المكتوب فوق رأسه كثيرون، ويُعلّق "لأن المكان الذي صُلب فيه يسوع كان قريبًا من المدينة." وهذا يوافق قول عبرانيين ٩: ١٦: "يلزم بيان (أي إشهار) موت المُوصِي."
(٤) وكل مَنْ: بلا شروط أو مؤهلات فينا، الكل مقبول وله مكان وله علاج. حيث أن الإيمان بالمسيح وضع العالم على قدم المساواة قبل الإيمان، "إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله."
(٥) نظر: وهذه نظرة الإيمان.. الإيمان الذي يقبل أمور الله ويصدقها. يجعلني الإيمان أقبل عمل الصليب، ويحسب أن هذا العمل تم لحسابي، وهناك سُويت مذنوبيتي، وتم حل مشكلة خطيتي. الإيمان يقبل أمور الله.
(٦) يحيا: لم يقل يُشفى، لأن كل إنسان به لدغة الحية كان في حكم المائت. وهكذا في أمر الخطية، فالأمر أكبر من مجرد خطية أمتنع عنها أو عادة أحاول الإقلاع عنها؛ بل إن الأمر هو حياة لميت. هل عملت فينا حياة المسيح وأنهت على عوامل الموت التي تسلطت علينا بالسقوط؟
 
 
شارك الرسالة

تأمل: الصعاب هي غذاء الإيمان
متى ١٥: ٢١-٣٩


كانت للمرأة الكنعانية ابنة وحيدة، عليها أرواح شريرة. وما أصعب حال الآباء عندما يُجربون في أبنائهم! فكم يتمنون لو أن الأتعاب في أجسادهم هم، لا في أجساد أبنائهم!
كنا نتوقع أن هذا الأمر سيكون مُحبِطًا لها، مثلما نظن نحن أنه لو خَلَت حياتنا من الصعاب لكان إيماننا أفضل، وعبادتنا وخدمتنا أكثر. ولكن ثَبَت لنا أن العكس هو الصحيح، فإن الصعاب هي غذاء الإيمان. فكان لهذه المرأة الإيمان الذي تخطى العقبات، ونجحت في الامتحانات التي وضعها السيد المسيح في طريقها؛ وسمعت القول: "يا امرأة، عظيم إيمانك!" (ع ٢٨).
وهذه القصة من القصص التي حيَّرت البعض، بسبب الطريقة التي يبدو من خلالها كما لو أن الرب تعامل بجفاء مع هذه المرأة المُجرَّبَة. لكن الحقيقة هي أن مواقف الرب معها كانت امتحانًا لإيمانها الذي تذكى. لكن كان الرب يريد أن يمنح ابنتها الشفاء، فهو العالم بكل شيء، ويعرف أنه ممنوع على امرأة كنعانية أن تتواجد في أرض إسرائيل لتطلب الشفاء لبنتها كسائر الناس الذين أحاطوا به. لذلك اقترب هو من حدود صور وصيدا، لتكون الفرصة متاحة لها. فاقتنصتها، وصارت قصتها مثالًا لجسارة الإيمان والثقة في الرب التي لن يرجع صاحبها خازيًا، بل يرجع مجبور الخاطر.

شارك الرسالة

تأمل: من الداخل إلى الخارج
متى ١٥: ١-٢٠


المراؤون يبدعون في الظهور أمام الناس بمظهر تقوي مزيف. وإن شئت، قل: "لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها" (تيموثاوس الثانية ٣: ٥). ومع أي احتكاكات أو تحديات أو إغراءات، تظهر العفونة الداخلية، لأن النبع ما زال فاسدًا. فهم مثل القبور المبيَّضة من الخارج، لكن من الداخل كل نتانة ونجاسة. فالقلب الخَرِب ما زال منبع الأفكار الشريرة والقتل والزنى والفسق والسرقة وشهادة الزور والتجديف. أي أن الخطايا الخارجية ورائها منبع داخلي، قلب خالٍ من المسيح. 
هؤلاء المراؤون كانوا يهتمون بغسل الأيدي قبل الأكل، ولم يهتموا بغسل نجاسات الداخل. كانوا يهتمون بالعطاء في الهيكل حيث يراهم الناس، ولا يهمهم القسوة والتقصير في حق أقرب من لهم (آبائهم)؛ ويكسرون بذلك وصية صريحة من الوصايا العشر، بخلاف سلب الآباء حقهم، فيردّوا لهم الجميل. كلماتهم وصلواتهم تملأ بيت الله، لكن القلب بعيد كل البعد عنه.
وهنا الرب، بطول بال وصبر، لم يوبخهم على إدانتهم للتلاميذ بأنهم تناولوا الطعام بدون غسل أيديهم. لكنه قادهم للفكر الصحيح، وهو أن ما ينجّس الإنسان هو ما يخرج من الفم لا ما يدخل فيه. 
ليتنا نفسح المجال للمسيح أن يملأ القلب، أي الكيان الداخلي. حينئذ كل ما يصدر منا من كلمات أو أفعال أو تصرفات، ستكون بالله معمولة.

شارك الرسالة

تأمل: الدروس الإلزامية
متى ١٤: ٢٢-٣٦


لم يفهم التلاميذ من خلال معجزة الخبز والسمك من هو الرب، رغم أن حادثة إشباع الجموع الأولى توضح قدرة الرب كالخالق. لكن يبدو أن القلب لا يتجاوب من خلال الظروف المواتية مع المعاملات الإلهية. وربما راود التلاميذ شعور العظمة والأهمية، فكلٍ منهم تخيل أنه سيكون له شأن لو مَلَك المسيح، لأنهم عرفوا أنه بعد معجزة إشباع الخمسة آلاف نفس أراد الجمع أن يختطفوه ويجعلوه ملكًا (يوحنا ٦: ١٤-١٥). وهنا كان يجب أن يدخلوا في اختبار إيمان جديد بالإبحار إلى وسط البحر، حيث تُبتلع أمامهم كل حكمتهم، ويكنس الرب من قلوبهم بالأمواج والمخاطر محبتهم للعالم.
لكن الرب لم يكن ليتركهم وحدهم كما كانوا يظنون، بل كان يصلي لأجلهم، وكان يراهم. وجاء إليهم في الهزيع الرابع، أي في المرحلة النهائية قبل انقطاع الأمل والرجاء، ويبعث الطمأنينة في قلوبهم بالقول: أنا هو لا تخافوا؛ أنا هو صاحب السلطان على البر والبحر.
وبطلب بطرس الغريب وتحقيقه، نرى أن الرب من الممكن أن يُمشِّينا على المرتفعات والصعاب. فقبل أن يُهدِّئ العواصف، يجعلنا ننتصر عليها، فقط إذا كنا قريبين منه مثبتين أعيننا عليه. صحيح، لا نكون كذلك دائمًا، لكن حتى في الأوقات التي نحوّل نظرنا عنه وننظر إلى الأمواج والصعاب ونشعر بالضياع، نطلبه فيستجيب سريعًا، ولا يعاتبنا قبل أن يصحِّح أوضاعنا ويثبِّتنا.

شارك الرسالة