رسائل تأمل اليوم
تأمل: الحية النحاسية
تأمل: الصعاب هي غذاء الإيمان
متى ١٥: ٢١-٣٩
كانت للمرأة الكنعانية ابنة وحيدة، عليها أرواح شريرة. وما أصعب حال الآباء عندما يُجربون في أبنائهم! فكم يتمنون لو أن الأتعاب في أجسادهم هم، لا في أجساد أبنائهم!
كنا نتوقع أن هذا الأمر سيكون مُحبِطًا لها، مثلما نظن نحن أنه لو خَلَت حياتنا من الصعاب لكان إيماننا أفضل، وعبادتنا وخدمتنا أكثر. ولكن ثَبَت لنا أن العكس هو الصحيح، فإن الصعاب هي غذاء الإيمان. فكان لهذه المرأة الإيمان الذي تخطى العقبات، ونجحت في الامتحانات التي وضعها السيد المسيح في طريقها؛ وسمعت القول: "يا امرأة، عظيم إيمانك!" (ع ٢٨).
وهذه القصة من القصص التي حيَّرت البعض، بسبب الطريقة التي يبدو من خلالها كما لو أن الرب تعامل بجفاء مع هذه المرأة المُجرَّبَة. لكن الحقيقة هي أن مواقف الرب معها كانت امتحانًا لإيمانها الذي تذكى. لكن كان الرب يريد أن يمنح ابنتها الشفاء، فهو العالم بكل شيء، ويعرف أنه ممنوع على امرأة كنعانية أن تتواجد في أرض إسرائيل لتطلب الشفاء لبنتها كسائر الناس الذين أحاطوا به. لذلك اقترب هو من حدود صور وصيدا، لتكون الفرصة متاحة لها. فاقتنصتها، وصارت قصتها مثالًا لجسارة الإيمان والثقة في الرب التي لن يرجع صاحبها خازيًا، بل يرجع مجبور الخاطر.
تأمل: من الداخل إلى الخارج
متى ١٥: ١-٢٠
المراؤون يبدعون في الظهور أمام الناس بمظهر تقوي مزيف. وإن شئت، قل: "لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها" (تيموثاوس الثانية ٣: ٥). ومع أي احتكاكات أو تحديات أو إغراءات، تظهر العفونة الداخلية، لأن النبع ما زال فاسدًا. فهم مثل القبور المبيَّضة من الخارج، لكن من الداخل كل نتانة ونجاسة. فالقلب الخَرِب ما زال منبع الأفكار الشريرة والقتل والزنى والفسق والسرقة وشهادة الزور والتجديف. أي أن الخطايا الخارجية ورائها منبع داخلي، قلب خالٍ من المسيح.
هؤلاء المراؤون كانوا يهتمون بغسل الأيدي قبل الأكل، ولم يهتموا بغسل نجاسات الداخل. كانوا يهتمون بالعطاء في الهيكل حيث يراهم الناس، ولا يهمهم القسوة والتقصير في حق أقرب من لهم (آبائهم)؛ ويكسرون بذلك وصية صريحة من الوصايا العشر، بخلاف سلب الآباء حقهم، فيردّوا لهم الجميل. كلماتهم وصلواتهم تملأ بيت الله، لكن القلب بعيد كل البعد عنه.
وهنا الرب، بطول بال وصبر، لم يوبخهم على إدانتهم للتلاميذ بأنهم تناولوا الطعام بدون غسل أيديهم. لكنه قادهم للفكر الصحيح، وهو أن ما ينجّس الإنسان هو ما يخرج من الفم لا ما يدخل فيه.
ليتنا نفسح المجال للمسيح أن يملأ القلب، أي الكيان الداخلي. حينئذ كل ما يصدر منا من كلمات أو أفعال أو تصرفات، ستكون بالله معمولة.
تأمل: الدروس الإلزامية
متى ١٤: ٢٢-٣٦
لم يفهم التلاميذ من خلال معجزة الخبز والسمك من هو الرب، رغم أن حادثة إشباع الجموع الأولى توضح قدرة الرب كالخالق. لكن يبدو أن القلب لا يتجاوب من خلال الظروف المواتية مع المعاملات الإلهية. وربما راود التلاميذ شعور العظمة والأهمية، فكلٍ منهم تخيل أنه سيكون له شأن لو مَلَك المسيح، لأنهم عرفوا أنه بعد معجزة إشباع الخمسة آلاف نفس أراد الجمع أن يختطفوه ويجعلوه ملكًا (يوحنا ٦: ١٤-١٥). وهنا كان يجب أن يدخلوا في اختبار إيمان جديد بالإبحار إلى وسط البحر، حيث تُبتلع أمامهم كل حكمتهم، ويكنس الرب من قلوبهم بالأمواج والمخاطر محبتهم للعالم.
لكن الرب لم يكن ليتركهم وحدهم كما كانوا يظنون، بل كان يصلي لأجلهم، وكان يراهم. وجاء إليهم في الهزيع الرابع، أي في المرحلة النهائية قبل انقطاع الأمل والرجاء، ويبعث الطمأنينة في قلوبهم بالقول: أنا هو لا تخافوا؛ أنا هو صاحب السلطان على البر والبحر.
وبطلب بطرس الغريب وتحقيقه، نرى أن الرب من الممكن أن يُمشِّينا على المرتفعات والصعاب. فقبل أن يُهدِّئ العواصف، يجعلنا ننتصر عليها، فقط إذا كنا قريبين منه مثبتين أعيننا عليه. صحيح، لا نكون كذلك دائمًا، لكن حتى في الأوقات التي نحوّل نظرنا عنه وننظر إلى الأمواج والصعاب ونشعر بالضياع، نطلبه فيستجيب سريعًا، ولا يعاتبنا قبل أن يصحِّح أوضاعنا ويثبِّتنا.