رسائل تأمل اليوم
تأمل: سمعتم أنه قيل... أما أنا فأقول...
متى ٥: ٢١ - ٤٨
قد يُثار سؤال بعد قراءة هذا الجزء من كلمة الله: هل جاء المسيح لينقض الناموس؟ من أقوال الرب أنه جاء لكي يُكمِّل الناموس، لا لينقضه.
والسؤال الثاني: هل مطالب النعمة أقل من مطالب الناموس؟ فالبعض يظن أن النعمة تتساهل، ويتناسوا أن النعمة تُعلِّمنا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية (تيطس ٢: ١٢).
فمن متى ٥: ٢١-٤٨ نفهم أن مطالب النعمة أسمى وأعظم، ففي الوقت الذي طالب الناموس بعدم الزنا، كانت النعمة أسمى إذ اعتبرت أن الذي ينظر لامرأة بغرض الشهوة زنا. وفي الوقت الذي أوصى الناموس في الوصايا العشر بعدم القتل، أشارت تعاليم الرب أن البغضة قتل. وفي الوقت الذي أوصى الناموس بمحبة القريب كالنفس، أوصى الرب بمحبة الأعداء. وفي الوقت الذي أوصى الناموس بتقديم العشور، تدعو النعمة لتقديم كل الحياة على مذبح التكريس.
فالمطالب الإلهية في تدبير النعمة أعظم من التي في عهد الناموس. لكن الفارق أن الناموس له مطالب ولا يعطي قوة للتنفيذ، لكن في عهد النعمة، الله يطلب مطالب عالية ويعطينا إمكانيات لتنفيذها. وبالتالي فنحن لنا كل المعونة للتنفيذ. أو بمعنى آخر يُنفذ هذه المطالب من خلالنا.
تأمل: نور وملح
متى ٥: ١ - ٢٠
قال الرب للتلاميذ: "أنتم نور العالم" (ع ١٤)، وهذا النور من خلال حياته في تابعيه وليس منهم، فهو الذي قال: "أنا هو نور العالم" (يوحنا ٨: ١٢). وكون التلاميذ أنوارًا في العالم في وسط جيل ملتو ومعوج (فيلبي ٢: ١٥)، فهم يرشدون التائهين والبعيدين إلى الرب، مثلما يفعل الفنار لإرشاد السفن وهي في عمق البحر وعمق الظلام، للشاطئ الأمين.
كم من العمي الذين أعماهم إله هذا الدهر، ويحتاجون لمن يأخذ بأيديهم ناحية الرب! وكم من ربوات لا يعرفون يمينهم من شمالهم، ولا يدرون خطورة الأبدية التعيسة التي إليها ذاهبون، ويحتاجون لكلمة إرشاد تقودهم ناحية الرب!
من ناحية أخرى، المؤمن مثل الملح الذي يفتح شهية المحيطين بنا للعلاقة مع الرب. ولعل موقف الناظرين للعازر المقام من الأموات وهو متكئ مع الرب يسوع يؤكد هذا، عندما كان كثيرون يؤمنون بيسوع بسببه (يوحنا ١٢: ١١).
كون المؤمن يحيا كملح العالم يجعل المحيطين به يسألونه عن سبب الرجاء الذي فيه، فيجيب بوداعة وبخوف (بطرس الأولى ٣: ١٥).
الملح أيضًا يحفظ الأطعمة من الفساد. وهكذا وجود المؤمن بالسيد المسيح، في أي وسط، يُحد من انتشار الفساد، لكونه غير مشارك في الشر وموبخ له. وهذا يجعل ضمائر الآخرين تتوبخ بسبب حياته التقوية. فلهذا وجوده في أي وسط لن يكون مشجعًا لمن فيه للعيشة في الشر.
تأمل: تجارب المسيح
متى ٤: ١ - ٢٥
جُرب المسيح من إبليس لمدة أربعين يومًا في البرية تجارب متنوعة، لم يذكر الكتاب عنها شيئًا (مرقس ١: ١٣)، وبالتأكيد انتصر فيها الرب كلها. وفي نهاية الأربعين يومًا، قدم له العدو ثلاث تجارب أبقاها للنهاية، لأنها أصعب نوعيات التجارب.
في نهاية الأربعين يومًا، يقول الكتاب: "جاع أخيرًا" وهكذا جاء إليه العدو وهو في قمة الجوع، وما أصعب التجارب التي تأتي في وقت الاحتياج! جربه في سداد احتياجه من خارج المشيئة الإلهية بتحويل الحجارة خبزًا، مشككًا في اعتناء الآب به. وكأنه يقول له: "أنت لم تسرق من أحد، لن تضر أحدًا، استخدم إمكانياتك في تسديد احتياجاتك!"، لكنه رفض، مستخدمًا عبارات من المكتوب مقتضبة، لكنها كافية لإفحام العدو. وعندما جربه بأن يعمل مظاهر خلابة بأن يطرح نفسه لأسفل ليبهر الناظرين، لم يقبل تجربة الرب إلهه. وكذلك عندما جربه بأن يأخذ المُلك والممالك من إبليس، وبدون احتياج لأن يمر على الصليب، رفض النجاح الرخيص.
في التجربة الأولى نرى شهوة الجسد والثانية تعظم المعيشة والثالثة شهوة العيون وهذا هو العالم في صوره المتنوعة. لكن الرب قد غلب العالم، فكان جديرًا به بأن يقول للتلاميذ: "لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" (يوحنا ١٦: ٣٣).
تأمل: معمودية المسيح
متى ٣: ١ - ١٧
كان يوحنا يُعمِّد بمعمودية التوبة، وهذه تختلف تمامًا عن المعمودية المسيحية. ومعمودية يوحنا للتوبة لا تتناسب مع شخصية المسيح التي تبرهنت قداستها بشهادة الأعداء قبل الأحباء، لكن كانت المفأجاة ليوحنا أن الرب يسوع كان في صفوف التائبين ليعتمد، وهو غير محتاج للتوبة! فأمام اعتراض يوحنا المعمدان الوجيه كان رد الرب عليه: "اسمح الآن. ينبغي لنا أن نُكمل كل بر". ومع أنه أعظم من المعمدان، لكنه تحلى بالذوقيات عند الرد عليه.
في المعمودية نجد شهادة من الآب في السماء أنه الابن الحبيب الذي يسٍرّ، وهي شهادة دامغة على رضى السماء عن السنوات الثلاثين المجهولة في حياة الرب. فهي مجهولة عندنا، لأن الوحي لم يذكر عنها شيئًا سوى موقف واحد في سن الثانية عشرة، لكنها لم تكن مجهولة عند السماء.
وفي المعمودية نزل الروح القدس عليه في هيئة مرئية كحمامة. فهو كأقنوم الابن لم يفارق أقنومي الآب والروح القدس لحظة، لكن كالإنسان يسوع المسيح كان يحتاج لأن يحل عليه الروح القدس (إشعياء ١١: ٢). وبعد هذا الموقف يرد القول: "وكان يسوع يُقتاد بالروح في البرية" (لوقا ٤: ١)، ليعطينا المثال الكامل في أهمية أن الروح يعمل بنا ومعنا.