رسائل تأمل اليوم
تأمل:الفقر والفقراء
أمثال ٢٨
تكلم الأصحاح كثيرًا عن الفقر والفقراء:
- الاستقامة ليست بكثرة الإمكانيات. فقد يكون الشخص فقيرًا ويسلك باستقامة، وغني يعوج طرقه (ع٦).
- الرحمة للفقراء أعظم استثمار (ع٨). فإن كان البعض يسعى للربا لكي يكثّر ماله بسرعة، لكن هنا الحكيم يقول: إن الراحم الفقراء أذكى منه، لأنه هو الذي يستثمر في الربح الحقيقي المتعدد الأوجه.
- التمييز والحكمة ليست بكثرة المال. فقد يكون الغني حكيمًا في عيني نفسه، مخطئًا في تقييمه لذاته. لكن الفقير الغير مُشوَش بمحبة المال وغير خاضع لسطوته يكون كاشفًا حال هذا الغني غير الحكيم (ع١١).
- الفقير رهيف المشاعر، لا يحتمل سطوة المستبدين. فالشعب الفقير يحتاج لرئيس يحنو عليه لا لأسد يزأر في وجهه (ع١٥).
- حياة الفقر ليست بعيدة عن أي شخص يتبع البطالين (ع١٩). فالله لا يساعد الكسالى من لا يساعدون أنفسهم.
- الفقر قد يأتي بعجلة (ع٢٢) لمن يتعجل الغنى بطرق ملتوية. فلا ننس أن الرب يعطي القدرة لاصطناع الثروة (تثنية ٨: ١٨).
- يقف الله في صف الفقراء، لهذا أعطى وعدًا بالبركة لمن يعطي الفقراء، قائلًا أنه لن يحتاج. على العكس هناك الوعيد لمن يحجب عينيه عنهم، فعليه لعنات كثيرة (ع٢٧).
تأمل: إدانة الآخرين
متى ٧: ١ - ٢٩
هي خطية من ضمن الخطايا المؤثرة على حياتنا الروحية، وللأسف ربما لا نعتبرها خطية.
١- الإدانة كسر لوصايا إلهية: هناك وصايا صريحة تحذِّر من إدانة الآخرين، كما جاء في موعظة الرب على الجبل «وَلاَ تَدِينُوا فَلاَ تُدَانُوا» (لوقا ٦: ٣٧).
٢- الإدانة انشغال بعيوب الآخرين: شبَّه الرب انشغالنا بعيوب الآخرين بشخص في عينه خشبة، لكنه نظر بانتباه إلى قَذَى في عينَي أخيه. الخطية من النوع نفسه (في العين)، مع الفرق أن حجمها عنده أكبر بكثير من أخيه. للأسف نرى عيوب الناس الصغيرة ضخمة، ولا نرى إطلاقًا عيوبنا الكبيرة!
٣- الإدانة خطية: الخطية عند أخي تُشبَّه بالقذى في العين، والخشبة في عينَي عندما أدين أخي. فواضح أن إدانتنا للآخرين خطية أبشع في عينَي الرب من أخطاء الآخرين ذاتها.
٤- الإسقاط: عندما لا أقدر على إدانة الخطية في نفسي، أقوم بالبحث عن آخرين يحملون نفس نوع الخطية، حتى وإن كانت بصورة أقل، وأنتقدهم بشدة. والحكم الذي أشفقت على نفسي فيه أُنفذه في الآخرين بقسوة وبشدة.
٥- التمييز لا يدخل تحت بند الإدانة: عندما قال: "لا تعطوا القدس للكلاب ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير"، فإن كان يدعونا لعدم إدانة الآخرين، لكنه يدعونا للتمييز بين الأمور .
تأمل: الرب هو مصدر الحياة وقوامها
متى ٦: ١٩ - ٣٤
في متى ٦: ١٩-٣٤، يُحذّر الرب من اعتبار المال معتمد الحياة وركيزة المستقبل. فمن يعتبر المال قوام الحياة ومصدرها، سيكون عبدًا له. لكن الرب يُصلح بعض المفاهيم على أن المال عبد للإنسان لا سيد له (ع٢٤). المال وما يمثله لا يمكن أن يكون هو مصدر الحياة. والرب الذي وهبنا الحياة، وهي الأغلى، سيهبنا ما نحتاجه بدون طلب، فهو يعرف ما نحتاج إليه من قبل أن نسأل (ع٣٢). لكن يوجه قلوبنا لطلب ملكوت الله وبره (ع٣٣)، أي الأمور الروحية والعلاقة مع الرب.
طمئن الرب قلب التلاميذ بأن الذي يكسو الزهور يكسوهم. فزنابق الحقل، وهي زهيدة القيمة بالمقارنة بالإنسان، يبدع الله في إلباسها أفضل من لبس الملك سليمان، وطيور السماء ليس لها مخازن والله يقوتها (ع٢٦-٣٠).
لهذا حذّر الرب من الاهتمام (حمل الهموم)، لأنه لا جدوى من ورائه، ويُفقِد الإنسان قوته. كما أن الاهتمام والانشغال بالأمور الزائلة وطلبها هو مطمح مَن ليست لهم علاقة حقيقية مع الرب (ع٣٢).
طمئن الرب قلوب التلاميذ بأن الله هو أبوهم، والأب لا يحتاج لمن يوصيه أن يحب أولاده ويهتم بهم. فإذا كان الأب البشري الضعيف يفعل ذلك، فكم وكم الآب السماوي!!
تأمل: أبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية
متى ٦: ١ - ١٨
تكلم السيد المسيح في متى ٦: ١-١٨ عن الفضائل المسيحية الثلاث: الصدقة والصلاة والصوم.
والعجيب في الترتيب، تقديم الصدقة قبل الصلاة. فدائمًا يُعبر العطاء عن عمق العلاقة مع الرب، لأن جوهر المسيحية مبني على العطاء، والبرهنة عما في المشاعر والأحشاء المسيحية من خلال العطاء المادي بصوره المختلفة. وهذا ما نراه في قصة تغيير زكا، فبمجرد تقابله مع الرب ودون أن يُطلب منه شيئًا، قال تعهدات تُعبر عن العطاء السخي الذي فاق حتى مطالب الناموس. فالناموس يطلب أن نرد المسلوب وعليه الخمس، وليس عليه أربعة أضعاف. ومن وقت تقابله مع الرب، تغيرت مشاعره القاسية لمشاعر الرأفات تجاه الفقراء والمساكين.
وفي كلام الرب عن الصدقة والصلاة والصوم، ركّز على فكرة جوهرية وهي العيشة بعدم الرياء في الخفاء، باطمئنان كامل بأن الرب الذي هو موضوع وغرض هذه الممارسات يرى ولا يحتاج أن نقول له ماذا نفعل أو ماذا نقدم، وعندئذ سيجازينا علانية. وهذه التعاليم فضحت رياء الفريسيين الذين يعطون ويُصلون ويصومون عندما يراهم الناس، ويكفون عندما لا يراهم أحد، بل يسعون لأن يلاحظ الناس أعمالهم ليحظوا بكل المدح من البشر. لهذا استحقوا الحكم أنهم قد استوفوا أجرهم.