الرسائل اليومية

تأمل: إنْ لَمْ يَبنِ الرَّبُّ البَيتَ

مزمور ١٢٧

كاتب هذا المزمور هو الملك سليمان الذي اتصف بالحكمة، حتى أن الوحي يقول عنه: "وفاقَتْ حِكمَةُ سُلَيمانَ حِكمَةَ جميعِ بَني المَشرِقِ وكُلَّ حِكمَةِ مِصرَ" (١ ملوك ٣٠:٤). ومن المؤكد أن خبرة الملك سليمان كانت عظيمة بكل المقاييس، فقد امتلك الحكمة والسلطة والجاه، حتى أنه قال عن نفسه: "ومَهما اشتَهَتهُ عَينايَ لَمْ أُمسِكهُ عنهُما. لَمْ أمنَعْ قَلبي مِنْ كُلِّ فرَحٍ، لأنَّ قَلبي فرِحَ بكُلِّ تعَبي. وهذا كانَ نَصيبي مِنْ كُلِّ تعَبي." (الجامعة ١٠:٢). لذا فما يصرح به الملك سليمان في هذا المزمور نابع من تلك الخبرة، فيقول: "إنْ لَمْ يَبنِ الرَّبُّ البَيتَ، فباطِلًا يتعَبُ البَنّاؤونَ. إنْ لَمْ يَحفَظِ الرَّبُّ المدينةَ، فباطِلًا يَسهَرُ الحارِسُ." (ع ١)؛ أي أن كل تعب وجهد أو عمل وإنجاز لا ولن يكون كافيًا أو مشبعًا إن لم يكن الله هو أساس هذا العمل. كما أنه هو الضامن الوحيد له.

يارب علمني أن أتكل عليك وأن أسلم بين يديك كل أمور حياتي، واثقٌ أنك تصنع الأفضل لي دائمًا بحكمتك وصلاحك. آمين.

شارك الرسالة

تأمل: غايَةُ الوَصيَّةِ

١ تيموثاوس ١

يحدث الرسول بولس تلميذه تيموثاوس عن "غاية الوصية" أي الهدف الأسمى لها والمراد منها: "المحبة". فمن خلال محبة الله لنا صار لنا الوجود وصار لنا الفداء، وعندما سئل السيد المسيح ما هي الوصية العظمى؟ قال: "تُحِبُّ الرَّبَّ إلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبِكَ، ومِنْ كُلِّ نَفسِكَ، ومِنْ كُلِّ فِكرِكَ. هذِهِ هي الوَصيَّةُ الأولَى والعُظمَى. والثّانيَةُ مِثلُها: تُحِبُّ قريبَكَ كنَفسِكَ. بهاتَينِ الوَصيَّتَينِ يتَعَلَّقُ النّاموسُ كُلُّهُ والأنبياءُ»." (متى ٣٧:٢٢-٤٠).

والمحبة الحقيقية لها صفات محددة يذكرها لنا الرسول بولس في (ع٥)  فهي من:

  • قَلبٍ طاهِرٍ: ليس لها غرض ولا تطلب ما لنفسها ولا تظن السوء
  • ضَميرٍ صالِحٍ: ضَميرٌ بلا عَثرَةٍ مِنْ نَحوِ اللهِ والنّاسِ، ضمير له حس مرهف لإرشاد الروح القدس.
  • إيمانٍ بلا رياءٍ: إيمان فعال ومثمر، عامل بالمحبة ينتج أعمالًا صالحة.

يا رب امتحن اليوم قلبي واختبرني يا الله لكي تكون محبتي لك وللآخرين مِنْ قَلبٍ طاهِرٍ، وضَميرٍ صالِحٍ، وإيمانٍ بلا رياءٍ. آمين.

شارك الرسالة

تأمل: صِرنا فرِحينَ

مزمور ١٢٦

إن أجمل فرحة هي التي تأتي بعد معاناة وتعب، ففرحة الأم بوليدها بعد آلام المخاض والولادة لا يضاهيها فرحة، وسعادة الطالب بتفوقه بعد ليالي الدراسة والكدّ لا توصف، وبهجة الوالدين بعد شفاء ابنهما من مرض صعب تفيض على من حولهما. هكذا كان حال كاتب المزمور وهو يعبر عن فرحتهم البالغة لعودتهم من السبي بعد ٧٠ سنة، فيقول: "... صِرنا مِثلَ الحالِمينَ. حينَئذٍ امتَلأتْ أفواهنا ضِحكًا، وألسِنَتُنا ترَنُّمًا." (ع ٢،١). حتى أن الأمم من حولهم شهدوا للرب قائلين: "... إنَّ الرَّبَّ قد عَظَّمَ العَمَلَ مع هؤُلاءِ" (ع ٢).

هل تمر بوقت صعب من ضيق وألم؟ هل تعاني من مرض أو من أزمة مادية؟ هل تشعر بالوحدة أو حزين لغياب أحد الأحباء؟ هل تجتهد وتكدّ فيما تفعله ولا ترى ثمرًا؟ هل تصلي بلجاجة وتظن أن الرب لا يستجيب؟

لنضع ثقتنا في الله، لنترجى وجهه، لنؤمن في صلاحه وأمانته، وهو القادر أن يعظِّم العمل معنا فنصير فرحين (ع ٣). "لأنَّهُ لا يُنسَى المِسكينُ إلَى الأبدِ. رَجاءُ البائسينَ لا يَخيبُ إلَى الدَّهرِ" (مزمور ١٨:٩). ولنتذكر أن "الّذينَ يَزرَعونَ بالدُّموعِ يَحصُدونَ بالِابتِهاجِ. الذّاهِبُ ذَهابًا بالبُكاءِ حامِلًا مِبذَرَ الزَّرعِ، مَجيئًا يَجيءُ بالتَّرَنُّمِ حامِلًا حُزَمَهُ." (ع ٦،٥).

شارك الرسالة

تأمل: القاضي العَدل

إرميا ١٢،١١

تعرض إرميا لما يتعرض له الكثيرين منا من شعور بالظلم، إذ وجد أن هناك مؤامرات تُحاك ضده (١١: ١٨ -٢١). وكان يعيش في تهديد مستمر وخوف بينما يتنعم الأشرار وينجحون (٢،١:١٢)، حتى أنه عبَّر عن شكواه للرب وطلب انتقام الرب من أعدائه (ع ٤،٣). ربما نتساءل مثل النبي إرميا عن سبب طول أناة الله على الأشرار وصبره على آثامهم وشرهم! بينما يجب علينا أن نتذكر أمرين:

  • "إنَّهُ مِنْ إحساناتِ الرَّبِّ أنَّنا لَمْ نَفنَ، لأنَّ مَراحِمَهُ لا تزولُ" (مراثي إرميا ٢٢:٣)، إذ نحن أيضًا قد اختبرنا وما زلنا نختبر رأفة الله علينا لأننا "كُلُّنا كغَنَمٍ ضَلَلنا. مِلنا كُلُّ واحِدٍ إلَى طريقِهِ، والرَّبُّ وضَعَ علَيهِ إثمَ جميعِنا" (إشعياء ٦:٥٣). أي أننا أيضًا لا نستحق رحمته لكن كما يقول الرسول بولس: "ولكنني رُحِمتُ، لأنّي فعَلتُ بجَهلٍ في عَدَمِ إيمانٍ. و تَفاضَلَتْ نِعمَةُ رَبِّنا جِدًّا مع الإيمانِ والمَحَبَّةِ الّتي في المَسيحِ يَسوعَ."
  • إن الرب هو " القاضيَ العَدلَ، فاحِصَ الكُلَى والقَلبِ (٢٠:١١)، للرب وحده أن يدين وأن يحاكم، "لا تنتَقِموا لأنفُسِكُمْ أيُّها الأحِبّاءُ، بل أعطوا مَكانًا للغَضَبِ، لأنَّهُ مَكتوبٌ: «ليَ النَّقمَةُ أنا أُجازي، يقولُ الرَّبُّ" (رومية ١٩:١٢).

يا الله إني أثق في حكمتك وعدلك وأفرح بنعمتك ورحمتك لأن جميعَ سُبُلك عَدلٌ، إلهُ أمانَةٍ لا جَوْرَ فيك.

شارك الرسالة