الرسائل اليومية
تأمل: أعطوا ما لله لله
مرقس ١٢ : ١-٢٧
رغم الخلاف الفكري الكبير بين طائفة الفريسيين وطائفة الهيرودسيين، إلا أنهما اتفقا على شئ واحد، وهو كيفية الإيقاع بالرب يسوع بسؤال شائك: "أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟ نُعْطِي أَمْ لاَ نُعْطِي؟" (ع١٤). لو أجاب الرب على سؤالهم بالامتناع عن دفع الجزية لقيصر، لأصبح متهمًا بالتحريض على الثورة ضد الرومان. وإن أجاب بالسماح بدفع الجزية لقيصر، يتهمونه بمساندة الرومان المحتلين. لكنه أجابهم بكل حكمة وقال لهم: «أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا ِللهِ للهِ» (مر١٧:١٢)
لم تكن الدنانير هي العملة الوحيدة المتداولة في وقت المسيح، لكنها كانت العملة الرسمية لدفع الجزية. فكأن المسيح يقول لمن أتوا ليجربوه ولكل الجموع أيضًا: ليست الدنانير التي لقيصر هي كل ما تملكون، لكن ماذا عن باقي أموالكم، ممتلكاتكم وحبكم ووقتكم وطاعتكم. هل هم لله؟ ويقول الرب يسوع لاحقًا في هذا الأصحاح: "تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ"(مر٣٠:١٢).
يا سيدي الغالي، كل ما لي هو في الأساس ملكٌ لك، فهبني أن أقدم لك ذاتي وكل ما أملك بكل رضا وحب.
تأمل: لنصرخ إلى الرب
يوئيل ١
تتلخص رسالة الأنبياء الأساسية في دعوة الشعب إلى التوبة. وها نحن نرى في هذا الأصحاح يوئيل النبي يدعو شعب الرب بكل فئاته أن يتذكروا نتائج الخطايا المرعبة التي حدثت أيامهم أو أيام آبائهم. ولا يكتفي بذلك فقط، بل يدعو الجميع أيضًا أن يخبروا أبناءهم بها، وأن يخبر الأبناء أبناءهم حتى الجيل الرابع. ويحث يوئيل النبي الشعب على التوبة ببكاء ونوح. ويدعو الكهنة إلى لبس المسوح، وتقديس صوم، والمناداة باعتكاف، وجمع الشيوخ وسكان الأرض للصراخ كجماعة إلى الرب إلههم.
كم هي مريرة نتائج الخطايا! يقول عنها الكتاب أنها "مُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ". لذلك، "لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا" (عب١:١٢). وإن كنا نحن أو أسرنا نعاني من النتائج الصعبة للخطية، لنصرخ إلى الرب ونطلب منه الرحمة، ولنتب من القلب عالمين أن إلهنا "يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ" (إش٧:٥٥).
تأمل: من تعبد؟
١ ملوك ١٢: ١-٣١
من الغريب أنه بالرغم من إدراك يربعام للسبب الذي من أجله مزق الله مملكة سليمان، وأعطي له عشرة أسباط (١ملوك١١: ٣٢ ،٣٣)، نراه يفعل الخطية ذاتها إذ عمل عجلي ذهب ليتعبد لهما الشعب، بدلًا من عناء السفر ليعبدوا الرب في هيكله في أورشليم، وقال لهم: "هُوَذَا آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّذِينَ أَصْعَدُوكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ" (١ملوك٢٨:١٢). ويتكرر كثيرًا في سفري ملوك الأول والثاني هذا التعبير "خَطَايَا يَرُبْعَامَ الَّذِي أَخْطَأَ وَجَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ" (١مل١٦:١٤؛ ٣٠:١٥؛ ١٩:١٦)، ويُعلن الرب عن استيائه من كل الملوك بعده الذين ساروا وراءه وتمسكوا بهذه الخطايا.
من المؤكد أننا لم نعد نعبد أصنامًا، لكننا ربما نجعل من أمور مادية ألهة تسود على حياتنا وتتحكم في أفكارنا وأعمالنا، مثلًا كما قال السيد المسيح: «لا يَقدِرُ أحَدٌ أنْ يَخدِمَ سيِّدَينِ، لأنَّهُ إمّا أنْ يُبغِضَ الواحِدَ ويُحِبَّ الآخَرَ، أو يُلازِمَ الواحِدَ ويَحتَقِرَ الآخَرَ. لا تقدِرونَ أنْ تخدِموا اللهَ والمالَ.»(متى ٦: ٢٤)
آتي اليك يا الله ممتحنًا قلبي في ضوء حق الكلمة المقدسة، لئلا يخدعني قلبي فأخطئ إليك. لأن "اَلْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ، مَنْ يَعْرِفُهُ؟" (إر٩:١٧).
تأمل: الخدمة والمجد
مرقس ١٠: ٣٢-٥٢
هذا الجزء من الإنجيل يحذرنا من خطايا تواجه الخدام، وهي السقوط في الغرور وحب الظهور والبحث عن المنفعة الشخصية، فيتضح من قصة التلميذين يعقوب ويوحنا ابنا زبدي الآتي:
- عندما سمع التلاميذ عن الملكوت، ظنوا أنه ملكوت أرضي، لذلك سعوا للتمتع بامتيازات هذا الملكوت (ع٣٧). لكن السيد المسيح قال لهما: "لَستُما تعلَمانِ ما تطلُبانِ" (ع٣٨)، فبينما يحدثهما عن الألم والموت المزمع أن يجتاز فيه (ع٣٣) يبحثان هما عن أمجاد زمنية وأرضية، وهو ما يكشف عن عدم فهمهما لحقيقة ملكوت الرب يسوع.
- في الأعداد من ٤٢-٤٥ أوضح الرب يسوع مفهوم العظمة الحقيقية في ملكوت السماوات، فالعظمة تتلخص في خدمة الآخرين، وتسخير النفس لخدمتهم، وليست البحث عن المجد الذاتي (ع٤٣، ٤٤).
يا رب ساعدني أن أفهم وأعيش حياة البذل والخدمة المضحية لأجل الآخرين، فأتمثل بك حتي كما صنعت أنت، أصنع أنا ايضًا (يوحنا ١٣: ١٥)