الرسائل اليومية
تأمل: هل تعرف الله أم تعرف عن الله؟
أيوب ١:٤٢-١٧
اكتشف أيوب أنه كان "يعرف عن الله" لكنه لم يكن "يعرف الله" (ع ٥). لسنوات كثيرة اعتقد أيوب أنه تعلم الكثير عن الله. لكن عندما كلّمه الله، كان هذا أمرًا مختلفًا. فعندئذ عرف الله، ورأى نفسه ومشكلاته بمنظور مختلف تمامًا، وعرف أن ما ردده كان حماقة (ع٣).
لم يتغير موقف أيوب من الله إلا عندما تحدث الله إليه. لذلك:
- لندع الله يتكلم إلينا ويكشف لنا عن نفسه فنعرفه، وعندما نعرفه نتغير وتتبدل أحوالنا.
- وإذا سمح الله لنا بالألم فلنقترب من الله أكثر لنعرفه بعمق، ليصبح الألم بركة حقيقية لنا.
تأمل: الثبات في الإيمان
أعمال ١٤
"يُشَدِّدانِ أنفُسَ التلاميذِ ويَعِظانِهِمْ أنْ يَثبُتوا في الإيمانِ، وأنَّهُ بضيقاتٍ كثيرَةٍ يَنبَغي أنْ نَدخُلَ ملكوتَ اللهِ" (ع ٢٢).
الثبات في الإيمان يعني الثبات في الإيمان المسيحي، لأن بعضًا من الذين آمنوا كانوا عُرضة للارتداد بسبب الاضطهاد الواقع عليهم جراء إيمانهم بالرب. ويعني أيضًا إيمان الثقة؛ أي أن الثقة في الرب يجب ألا تتزعزع رغم الظروف المُعاكسة، ورغم ضغط الاحتياج، ورغم الضيقات الكثيرة. لذلك فإن المؤمن يثق في الرب، في صلاحه ومحبته وحكمته وقدرته، حتى في أحلك المواقف. عالمًا أن الضيق يُنشئ صبرًا، والحرمان والاحتياجات من ورائها تدريبات إلهية. والمؤمن الثابت في الإيمان يختلف عن المؤمن المُرتاب الذي يُشبِّهه يعقوب بموج البحر: "ولكن ليَطلُبْ بإيمانٍ غَيرَ مُرتابٍ البَتَّةَ، لأنَّ المُرتابَ يُشبِهُ مَوْجًا مِنَ البحرِ تخبِطُهُ الرّيحُ وتَدفَعُهُ" (يعقوب ١: ٦). الإيمان المُرتاب يتحرك كالموج من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال؛ أي من الثقة الشديدة في الرب، إلى فقدان الثقة نهائيًا فيه. لكن الثبات في الإيمان يعني الثقة في الرب في كل الأحوال.
تأمل: شبولت أم سبولت
قضاة ١١: ٤٣-١٢: ١٥
"شبولت" أم "سبولت" (قضاة ١٢: ٥-٦)؟
تغير نطق حرف واحد في الكلمة كان سبب قتل أي رجل من رجال بني أفرايم على يد رجال جلعاد الذين مع يفتاح. فلكي يميز رجال جلعاد أن الشخص الماثل أمامهم أفرايمي أم لا، كانوا يطالبونه بنطق الكلمة، وإذا لم يتحفظ لنطققها نطقًا صحيحًا "شبولت،" ونطقها كما ينطقها أهل أفرايم "سبولت،" كانوا يأخذونه ويذبحونه على مخاوض الأردن.
أليس هذا ما تؤكده كلمة الله في مواضع أخرى عن خطورة الكلام: "لأنَّكَ بكلامِكَ تتَبَرَّرُ وبكلامِكَ تُدانُ" (متى ١٢: ٣٧)، "الموتُ والحياةُ في يَدِ اللِّسانِ، وأحِبّاؤُهُ يأكُلونَ ثَمَرَهُ" (أمثال ١٨: ٢١)؟ ألا نتذكر كيف انكشف كذب بطرس أمام الجواري والعبيد عندما قال له واحد منهم: "إنَّ لُغَتَكَ تُظهِرُكَ!" (متى ٢٦: ٧٣)؟ ألم يعرف رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة من كلام بطرس ويوحنا أنهما كانا مع يسوع (تابعين ليسوع)؟
له كل الحق يعقوب عندما أفرد جزءًا كبيرًا من الأصحاح الثالث من رسالته ليوضح أن اللسان، مع أنه صغير، لكنه خطير. والمقصود باللسان ليس هو العضلة في حد ذاتها، بل كلمات اللسان. فالكتاب قال عنه إنه كالنار التي تحرق، عالم الإثم، وكالسم قاتل، وكالدفة الصغيرة التي توجه سفينة كبيرة. ليتنا نصلي للرب: "اجعَلْ يا رَبُّ حارِسًا لفَمي. احفَظْ بابَ شَفَتَيَّ" (مزمور ١٤١: ٣).
تأمل: منظور الله
أيوب ٣٨
ربما يئس أيوب تمامًا من الحصول على جواب لأسئلته! لكن أخيرًا تكلم إليه الله، وحول نظر أيوب بعيدًا عن مشاكله الخاصة، ليرى عظمة الكون (ع٤، ٥) وكم هو رائع في صنعه.
يوضح الله لأيوب، ويكلمنا نحن اليوم، أن الإنسان لا يستطيع فهم كل شيء عن طرق الله، ولا عن السبب الذي من أجله يسمح لنا أن نجتاز اختبارات معينة في حياتنا. لكن كلما زادت معرفتنا بالله وبمحبته لنا، ازددنا ثقة فيه، حتى عندما لا نستطيع فهم ما يحدث لنا.
لم يعط الله أيوب جوابًا عن سبب تعرضه لكل هذه المحن والآلام، لكنه أراد أن يدرك أيوب أنها لم تكن مجرد حوادث مؤسفة، فكل ما حدث كان تحت سيطرة الله. بدأ أيوب يرى الكثير عن الله، ومن ثم بدأ يقبل ويدرك أن الله يعلم أفضل منه.
يا رب ساعدني أن أثق فيك حتى عندما لا أستطيع فهم ما يحدث.