الرسائل اليومية
تأمل: شبولت أم سبولت
قضاة ١١: ٤٣-١٢: ١٥
"شبولت" أم "سبولت" (قضاة ١٢: ٥-٦)؟
تغير نطق حرف واحد في الكلمة كان سبب قتل أي رجل من رجال بني أفرايم على يد رجال جلعاد الذين مع يفتاح. فلكي يميز رجال جلعاد أن الشخص الماثل أمامهم أفرايمي أم لا، كانوا يطالبونه بنطق الكلمة، وإذا لم يتحفظ لنطققها نطقًا صحيحًا "شبولت،" ونطقها كما ينطقها أهل أفرايم "سبولت،" كانوا يأخذونه ويذبحونه على مخاوض الأردن.
أليس هذا ما تؤكده كلمة الله في مواضع أخرى عن خطورة الكلام: "لأنَّكَ بكلامِكَ تتَبَرَّرُ وبكلامِكَ تُدانُ" (متى ١٢: ٣٧)، "الموتُ والحياةُ في يَدِ اللِّسانِ، وأحِبّاؤُهُ يأكُلونَ ثَمَرَهُ" (أمثال ١٨: ٢١)؟ ألا نتذكر كيف انكشف كذب بطرس أمام الجواري والعبيد عندما قال له واحد منهم: "إنَّ لُغَتَكَ تُظهِرُكَ!" (متى ٢٦: ٧٣)؟ ألم يعرف رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة من كلام بطرس ويوحنا أنهما كانا مع يسوع (تابعين ليسوع)؟
له كل الحق يعقوب عندما أفرد جزءًا كبيرًا من الأصحاح الثالث من رسالته ليوضح أن اللسان، مع أنه صغير، لكنه خطير. والمقصود باللسان ليس هو العضلة في حد ذاتها، بل كلمات اللسان. فالكتاب قال عنه إنه كالنار التي تحرق، عالم الإثم، وكالسم قاتل، وكالدفة الصغيرة التي توجه سفينة كبيرة. ليتنا نصلي للرب: "اجعَلْ يا رَبُّ حارِسًا لفَمي. احفَظْ بابَ شَفَتَيَّ" (مزمور ١٤١: ٣).
تأمل: منظور الله
أيوب ٣٨
ربما يئس أيوب تمامًا من الحصول على جواب لأسئلته! لكن أخيرًا تكلم إليه الله، وحول نظر أيوب بعيدًا عن مشاكله الخاصة، ليرى عظمة الكون (ع٤، ٥) وكم هو رائع في صنعه.
يوضح الله لأيوب، ويكلمنا نحن اليوم، أن الإنسان لا يستطيع فهم كل شيء عن طرق الله، ولا عن السبب الذي من أجله يسمح لنا أن نجتاز اختبارات معينة في حياتنا. لكن كلما زادت معرفتنا بالله وبمحبته لنا، ازددنا ثقة فيه، حتى عندما لا نستطيع فهم ما يحدث لنا.
لم يعط الله أيوب جوابًا عن سبب تعرضه لكل هذه المحن والآلام، لكنه أراد أن يدرك أيوب أنها لم تكن مجرد حوادث مؤسفة، فكل ما حدث كان تحت سيطرة الله. بدأ أيوب يرى الكثير عن الله، ومن ثم بدأ يقبل ويدرك أن الله يعلم أفضل منه.
يا رب ساعدني أن أثق فيك حتى عندما لا أستطيع فهم ما يحدث.
تأمل: اسألك فتعلمني
أيوب ٣٩
"أسألك فتعلمني" ترد هذه العبارة في سفر أيوب ثلاث مرات ٣٨: ٣؛ ٤٠: ٧؛ ٤٢: ٤، أول مرتين بفم الرب لأيوب، والمرة الثالثة قالها أيوب للرب.
في أول مرتين يعاتب الرب أيوب، لأنه أخذ يشكك في أحكام الرب وأفعاله وعدالته. فكأن الرب يقول له: طالما أنت الأحكم والذي ترى الأفضل، علمني ما هو الصواب." يا له من توبيخ، فحاشا لله من الخطأ!
استعرض الرب من خلال ص ٣٨-٣٩ اعتناءه بالخليقة، بدءًا من الطبيعة حتى الخليقة. فمن الذي يعين الوعول في وقت ولادتها (ع ١)، ويهتم بالحيوانات التي لا تتمتع بالحكمة، مثل النعام. ويهتم بالحيوانات الضخمة، مثل بهيموث ولوياثان (أيوب ٤٠: ١٥؛ ٤١: ١)؟!
وكأن الله يقول لأيوب: "ضع همومك في إطار الكون العظيم المتسع، وسط خليقة الله التي يعتني بها ويهتم بأدق التفاصيل فيها. لا يحتاج لأن يوِصيه أحد على خليقته. يعتني ويسند ويعطي ويهتم، فهو الإله الجواد مصدر النعم والعطايا، وليس الضرر كما تظن يا أيوب."
عندها فهم أيوب أن لله حكمة من وراء معاملاته، فحكمة الله لا تتجزأ، كما هي رائعة مع الخليقة المتنوعة، بالتـأكيد هي رائعة في معاملات الله معنا. لهذا قال أيوب للرب في المرة الثالثة: "أسألك، فتعلمني" (أيوب ٤٢: ٤)، بدلًا من الاستمرار في لوم الرب.
تأمل: يفتاح وجدعون
قضاة ٧-٨
ظروف متشابهة وردود أفعال متباينة
كثيرًا ما نشعر بالضعف، وعندما نسأل أنفسنا عن سبب هذا الضعف نلقي باللوم على الظروف. فكل منا يرى أنه لو كان في ظروف مختلفة، لتغيرت حياته للأفضل. لكن هل الظروف فعلاً هي سبب ضعفنا؟ وهل لو تغيرت الظروف، ستصير حياتنا أفضل؟ ربما! ولكن الحقيقة أن هناك آخرون في مثل ظروفنا، ويعيشون بطريقة تمجد الله.
كل من جدعون ويفتاح تعرض لغيرة رجال أفرايم في وقت نجاحه وانتصاره على الأعداء (قضاة ٨: ١؛ ١٢: ١)، لكن جدعون تعامل مع الموقف بحكمة فربحهم، أما يفتاح فعاملهم بخشونة؛ وكانت النتيجة مذبحة سقط فيها اثنان وأربعون ألفًا من أفرايم (قضاة ١٢: ٦). واضح أن جدعون استخدم الجواب اللين الذي يصرف الغضب، ويفتاح استخدم الجواب الموجع الذي يهيج السخط (أمثال ١٥: ١). ليتنا نتذكر أن مهما حدث من ظروف بسببها توترت العلاقات مع الآخرين، هناك مَنْ يتعاملون بحكمة في ظروف مشابهة تمامًا ويعيشون في سلام. لنطلب على الدوام الحكمة التي من فوق، التي تعلمنا كيف نتصرف في مختلف الظروف. يقول الروح القدس: "وإنَّما إنْ كانَ أحَدُكُمْ تُعوِزُهُ حِكمَةٌ، فليَطلُبْ مِنَ اللهِ الّذي يُعطي الجميعَ بسَخاءٍ ولا يُعَيِّرُ، فسيُعطَى لهُ" (يعقوب ١: ٥).