الرسائل اليومية
تأمل: مَن الذي دحرج الحجر؟
متى ٢٨
ملاك الرب نزل من السماء ودحرج الحجر وجلس عليه. أتى ودحرج الحجر لا ليقوم المسيح من الأموات، بل كان المسيح قد قام قبل ذلك، وربما خرج والحجر موجود على القبر مثلما دخل في العلية والأبواب مغلقة. لكن الملاك دحرج الحجر، ليتمكن الناظرين من أن يشاهدوا القبر فارغًا، وأن يتأكدوا أن المسيح ليس ههنا لأنه قد قام.
لقد اجتهد رؤساء الكهنة والفريسيون ليقاوموا القيامة، فذهبوا إلى بيلاطس يوم السبت، مع أنه يوم الراحة الخاص بهم، لكي يضبط القبر، خوفًا من أن يأتي التلاميذ ويسرقوا الجسد. فصار الحجر الكبير المُدحرج والختم الروماني المكسور والحراس الذين هربوا، صارت كل هذه دلائل قوية على قيامة المسيح.
قام المسيح، فلم يكن ممكنًا أن يُمسك من الموت (أعمال ٢: ٢٤)، ولا أن يحجزه القبر.
نحن جميعًا نتألم لفراق الأحباء. لكن الأمر المعزي: كما أن قبر المسيح كان فارغًا، سيأتي يوم وتكون فيه قبور الراقدين بيسوع فارغة أيضًا!
تأمل: يوسف الرامي
متى ٢٧: ٣٢-٦٦
يسجل الوحي في يوحنا ١٢: ٣٧-٤٣ ردود فعل من يسمعون كلام المسيح ويرون معجزاته وأفعاله. وهؤلاء ينقسمون إلى فئتين: فئة لم تؤمن به، وأخرى، وهم كثيرون من الرؤساء، آمنت به، لكن لم يعترفوا بذلك علانية خوفًا من الفريسيين، لئلا يُخرجوهم من المجمع. وقد كان يوسف الرامي أحد هؤلاء الرؤساء. لكنه لم يستمر في خوفه للنهاية، بل ظهر هو ونيقوديموس في الوقت الذي خاف فيه التلاميذ وهربوا (يوحنا ١٩: ٣٨-٤٢).
أنزل يوسف ونيقوديموس جسد المسيح، وكفّناه بالطريقة اليهودية، ووضعا خليطًا من المر والعود نحو مائة منًا. ووضعاه في قبر مِلك يوسف، قد نحته في الصخرة ولم يكن قد وُضع فيه أحد. وكان ذلك تتميمًا للنبوة: "وجُعِلَ مع الأشرارِ قَبرُهُ، ومَعَ غَنيٍّ عِندَ موتِهِ" (إشعياء ٥٣: ٩).
يوسف الرامي كان تلميذًا للرب (ع ٥٧)، ويا له من لقب مبارك! وكان غنيًا، والرب استخدمه بوزنته وإمكانياته هذه في تتميم نبوة دفنه مع غني. وظهر في مشهد اختفاء الكل ليجبر نقصان خدمة التلاميذ. قصة يوسف الرامي مشجعة لمن هم ليسوا كثيري الخدمة والتجوال والحركة. فقد يستخدمنا الرب في موقف واحد، ويكون هذا الموقف هو غرض الله من وجودنا في الحياة.
تأمل: أخطأت!
متى ٢٧: ١-٣١
"قد أخطأتُ إذ سلَّمتُ دَمًا بَريئًا" (ع ٤).
قال يهوذا هذه العبارة وهو تحت تأثير الشعور بالذنب، لأنه خان العِشرة، ورفع عقبه على من وثق به وأحبه (مزمور ٤١: ٩). وهي شهادة قوية عن بر المسيح، فكان من الممكن أن يقول أية ادعاءات تبرر فعلته ليهدئ ضميره الهائج. لكنه يعلم أنه لا توجد في المسيح عيوب، بل فيه كل البر.
وهذه الشهادة واحدة من شهادات الكثيرين للرب. فلقد شهد عن بر المسيح الغرباء والأعداء قبل الأحباء، مثل: بيلاطس الذي قال: "إنّي بَريءٌ مِنْ دَمِ هذا البارِّ!" (ع ٢٤)، وزوجة بيلاطس إذ قالت لزوجها: "إيّاكَ وذلكَ البارَّ" (ع ١٩)، وقائد المائة عندما قال: "بالحَقيقَةِ كانَ هذا الإنسانُ بارًّا!" (لوقا ٢٣: ٤٧).
للأسف، لا تنم عادة كلمة "أخطأتُ" عن توبة، فلقد قالها فرعون، وبدلاً من أن يصلى طالبًا التوبة، قال لموسى وهارون أن يصليا عنه (خروج ٩: ٢٧-٢٨). وهنا يهوذا يقول: "أخطأتُ،" وفي يأس مضى وشنق نفسه. فالتوبة إذًا ليست اعترافًا بالخطأ فقط، لكنها تغيير الاتجاه والرجوع إلى الرب بكل القلب.
تأمل: ألم الخيانة والإنكار
متى ٢٦: ٤٧-٧٥
كانت خيانة يهوذا وإنكار بطرس بمثابة طعنات تخترق الرب أكثر وجعًا من الجلدات الرومانية. اضطرب يسوع عندما أعلن للتلاميذ عن تعرضه للخيانة من أحد تابعيه، من يأكل خبزه ويسمع تعاليمه. فكم وكم كان وقع ذلك عندما اقترب يهوذا من الرب بقبلة غاشة لتسليمه. القبلة التي هي علامة المحبة، كانت عند يهوذا علامة الخيانة، مع أن الرب قدَّم له المحبة طوال المشوار. فقد ستر عليه رغم أنه كان سارقًا لصندوق خدمة الفقراء. وقدّم له اللقمة في عشاء الفصح، التي كانت تقدم وقتها للعزيز كعلامة حب وتقدير وإكرام. وعندما أتى ليسلمه، لم يقل له الرب: يا خائن، لماذا جئت؟ مع أنه كان يستحق ذلك، إنما قال له: "يا صاحِبُ، لماذا جِئتَ؟" (ع ٥٠). فما أروع الرب في رد فعله رغم جرح خيانة يهوذا!
أما إنكار بطرس وكلماته التي تفوه بها فكانت أصعب على الرب من كل الكلمات الصعبة التي قيلت في ذلك اليوم من أشرار فجَّار. مع أن الرب حذّره مسبقًا (متى ٢٦: ٣٤، ٤١)، لكنه أنكر أنه يعرف الرب حتى مع وضوح لغته (ع ٧٣)، وحتى مع تأكيد نسيب ملخس الذي قطع بطرس أذنه (يوحنا ١٨: ٢٦). وعندما وقعت عينا الرب على بطرس، اكتفى الرب بالنظرة التي أذابت قلب بطرس. فلم يفرِّط الرب في تلميذه الذي أنكره ثلاث مرات، فما أروعه شخصًا نتعلم منه أفضل ردود الأفعال في أصعب المواقف!