تأمل: السعادة
مزمور ١
يبدأ المزمور بـ "طوبى،" أي "يا لسعادة!" ثم يبدأ بسرد الصفات التي تحقق للإنسان السعادة الحقيقية (ع ١-٣):
ونستطيع تلخيص تلك الصفات في تجنب الشر ومحبة الكتاب المقدس وطاعته. ولن نستطيع أن نحب كلمة الله وأن نريد طاعتها بفرح إلا إذا تركنا شرورنا، وتجنبنا كل كلام أو سلوك أو صداقة تجذبنا للخطية. وقتها سنحب الكتاب ونطيعه بفرح. لكن كيف نحب الكتاب إذا لم نعرف ما فيه من كنوز؟ وكيف نطيعه إذا لم نعي ما يأمرنا به الله من خلال كلمته المقدسة؟ إذًا يدعونا المزمور لأن نقرأ الكتاب باستمرار، لا مجرد قراءة عابرة، بل قراءة متعمقة تجعلنا نفهم ما في قلب الله ويريدنا أن نعرفه ونفهمه. وقتها فقط سنقع في حب الكتاب، وسنلهج فيه نهارًا وليلًا، ونختبر السعادة الحقيقية.
تأمل: البُشرى السارة
لوقا ٢٦:١-٥٦
أمام هذه المشاهد نسجد وتمتلئ قلوبنا بالخشوع، فالتاريخ على وشك أن يتغير! يزف الملاك جبرائيل البشرى السارة للمطوبة العذراء مريم، ويملأ قلوب المسيحيين بالابتهاج: العذراء مريم حبلى بالروح القدس، وستنجب أعظم شخص عرفته الأرض والسماء. جاء بطريقة لم يأتِ بها أحد من قبله، ولن يأتِ بها أحد بعده؛ من عذراء لم تعرف رجلًا (ع ٢٧، ٣٤). اسمه يسوع، ومعناه المُخلِّص، لأنه سيخلِّص شعبه من خطاياهم (ع ٣١؛ متى٢١:١). سيكون اسمه أيضًا "ابن العلي" (ع ٣٢) أي "ابن الله" (ع ٣٥). فالعذراء مريم ستنجب ابنًا اسمه "يسوع" و"ابن العلي،" وذلك لأنه الرب الذي تجسد وصار إنسانًا؛ فهذا ما قالته أليصابات عندما قابلت مريم العذراء: "فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟" (ع ٤٣). كما أن هذا الابن سيكون عظيمًا، وسيجلس على عرش داود إلى الأبد (ع ٣٣). وهو أيضًا القدوس الذي بلا خطية (ع ٣٥، ٤٩).
تأمل: ابن الله
لوقا ٢١:٣-٣٨
في بداية سلسلة نسب يسوع المسيح، يقول الكتاب: "يَسوعُ ... وهو علَى ما كانَ يُظَنُّ ابنَ يوسُفَ" (ع ٢٣). إن لم يكن ابن يوسف، فابن من هو إذًا؟ تخبرنا حادثة معمودية السيد المسيح من هو يسوع بالضبط. فقد انفتحت السماء، وكان صوت منها يقول: «أنتَ ابني الحَبيبُ، بكَ سُرِرتُ» (ع ٢٢). فيسوع المسيح هو ابن الله الحبيب الذي يفرّح قلبه، كما قال الملاك لمريم العذراء في لوقا ٣٥:١.
لكن ما معنى «ابن الله»؟ ابن الله تعني أن له نفس طبيعة الله؛ أي أن يسوع المسيح ليس مجرد إنسان، بل هو الله الظاهر في الجسد. لذلك فقد حُبل به في بطن العذراء المطوبة مريم بالروح القدس، دون زرع بشر. مما جعل الإنسان يسوع المسيح أيضًا غير وارث للطبيعة الخاطئة كباقي البشر الخطاة؛ فهو القدوس الذي بلا خطية ولا دنس.
المجد لك أيها الرب يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور؛ يا من نزلت لأجلنا من السماء، وتجسدت من الروح القدس، وولدت من العذراء مريم.
تأمل: من هو الإنسان؟
مزمور ٨
يتحدث المزمور عن مجد الله الخالق، الذي صنع السماوات والأرض وكل ما فيها. وجعل الإنسان متسلطًا على أعمال يديه: بهائم البر وطيور السماء وسمك البحر. وعندما يرى كاتب المزمور عظمة السماوات بما فيها من قمر ونجوم (ع ٣)، يتعجب كيف جعل الله الإنسان الضئيل المحدود متسلطًا على أعمال يديه؟
لكن يتحدث العهد الجديد عن عدد ٢ في متى ١٦:٢١، في حادثة دخول المسيح إلى أورشليم. فكما يستطيع الأطفال تمييز عظمة الله في الكون، فيحمدوه، استطاعوا أن يصدقوا أن يسوع هو المسيح الآتِ من عند الله ليخلِّصهم، فهتفوا له: "أوصنا لابن داود!" وتحدثت رسالة العبرانيين ٦:٢-٩ عن الأعداد ٤-٦، حيث رأى كاتب الرسالة فيها نبوة عن المسيح الذي أُنقص قليلًا عن الملائكة باتضاعه عندما صار إنسانًا، وتكلل بالكرامة والمجد عندما ذاق الموت لأجلنا وقام وجلس عن يمين الآب. فقد أرجع ابن الإنسان، يسوع المسيح، كل المجد والكرامة للمؤمنين به، بعدما خسروها بسبب الخطية. وذلك عندما ذكر الله الكلمة الإنسان وافتقده في يسوع المسيح (ع ٤).
تأمل: أما نوح
تكوين ٦-٧
قال الله سبع مرات في تكوين ١ أنه رأى ما يصنعه "أنه حسن"، وقال عما صنعه في اليوم السادس الذي خلق فيه الإنسان، أنه "حَسَنٌ جِدًّا" (تكوين ٣١:١). لكن لم تمر سوى بضعة إصحاحات حتى نرى الله مستاءً من شرور الناس وزيغانهم، فيقرر أن يمحو كل الخليقة من على وجه الأرض بالطوفان. لم يكن في كل الأرض آنذاك من يرضي الرب ويخافه سوى نوح؛ واحد فقط هو من نال نعمة في عيني الرب (تكوين ٨:٦). لقد قال الرب يسوع المسيح له المجد: "اُدخُلوا مِنَ البابِ الضَّيِّقِ، لأنَّهُ واسِعٌ البابُ ورَحبٌ الطَّريقُ الّذي يؤَدّي إلَى الهَلاكِ، وكثيرونَ هُمُ الّذينَ يَدخُلونَ مِنهُ! ما أضيَقَ البابَ وأكرَبَ الطريقَ الّذي يؤَدّي إلَى الحياةِ، وقَليلونَ هُمُ الّذينَ يَجِدونَهُ!" (مَتَّى ١٣:٧ -١٤). فهل أنت، عزيزي القارئ، من هؤلاء "القليلون" مثل نوح الذين رفضوا أن يكونوا مثل باقي الناس، واختاروا الدخول من الباب الضيق؟
تأمل: من يرينا خيرًا؟
مزمور ٤
يتساءل الناس في يأس أو في غضب: "من يرينا خيرًا؟" (ع ٦). ولم يكن كاتب المزمور مُستثنى من المشاكل والضيقات، فها هو يطلب الرب ويصرخ إليه بسبب الضيق (ع ١، ٦). لكن ماذا يحدث عندما يلجأ كاتب المزمور إلى الله في صلاة وتضرع (ع ١، ٣، ٦)، ويقرر أن يقدم العبادة والإكرام للرب، وأن يتكل عليه (ع ٥)؟ يجعل الرب في قلبه سرورًا وفرحًا أكثر من سرور الناس عندما يتوفر لديهم الأكل والشرب بكثرة (ع ٧)؛ ويتمتع بالطمأنينة والسلام والنوم الهادئ (ع ٨).
ليتنا نلجأ إلى الله عندما تواجهنا مشاكل وضيقات، ونلقي عليه أحمالنا فيريحنا. ليتنا نأتي إليه عندما نرى الحياة وقد انقطع منها الخير، ولم يبقَ لنا رجاء فيها. فالسرور والطمأنينة التي يهبها الله أعظم بكثير من أي ضيقات قد تواجهنا. ليتنا نتكل عليه مثل كاتب المزمور، ونعبده ونكرمه واثقين أنه صالح وإلى الأبد رحمته.
تأمل: ينبغي أن أكون في ما لأبي
لوقا ٢١:٢-٥٢
لم يفهم يوسف ومريم العذراء الطفل يسوع، فقد ظناه بين الرفقة راجعًا معهم (ع ٤٤)، غير عالمين أنه بقي في الهيكل في أورشليم. وأخذا يبحثان عنه بين الأقارب والمعارف مسيرة يوم (ع ٤٤)، غير عالمين أن في ناموس الرب مسرته (ع ٤٦). وقد اندهشا عندما وجداه وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم، وأن كل من سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته (ع ٤٦-٤٨). لم يألفا بعد فكرة أن ابنهم الصغير هو ابن الله، الذي ينبغي أن يهتم بأمور أبيه، وينبغي أن يسكن في بيت أبيه.
لم يكن الطفل يسوع عاصيًا على أبويه عندما لم يرجع معهم. كما لم يكن ينوي أن يُقلق أبواه عليه طوال تلك الثلاثة أيام التي كانا فيها يبحثان عنه؛ بل في بساطته كان يستفهم منهما: "فقالَ لهُما: «لماذا كُنتُما تطلُبانِني؟ ألَمْ تعلَما أنَّهُ يَنبَغي أنْ أكونَ في ما لأبي؟»" (ع ٤٩) وبالرغم من أنه ابن الله الذي ينبغي الخضوع له، إلا أنه كإنسان كامل ذهب معهما أخيرًا وكان خاضعًا لهما (ع ٥١).
لك المجد يا ربي يسوع المسيح، فحتى في طفولتك، نرى الجمال والكمال؛ نراك تبهر المعلمين بفهمك وأجوبتك، وتبهرنا بتكريسك لأبيك وحبك لكلمته.
تأمل: إيمان إبراهيم
تكوين ١٢
نرى في أول تسعة أعداد من هذا الإصحاح دعوة الرب لإبراهيم، ووعده له بالبركة، وطاعة إبراهيم للرب. هذه الثلاثة أمور دائمًا ما تكون مرتبطة ببعض. ولم تكن تلبية إبراهيم لدعوة الرب هينة أبدًا، فالرب لم يخبره إلى أين يذهب. ولم يتوقف إبراهيم إلا عندما ظهر له الرب، وكلمه مرة ثانية، وقال له إن أرض كنعان التي اجتاز فيها هي التي سيعطيها لنسله. وهكذا استقر إبراهيم في أرض كنعان، وبنى هناك مذبحًا للرب.
تقول رسالة العبرانيين: "بالإيمانِ إبراهيمُ لَمّا دُعيَ أطاعَ أنْ يَخرُجَ إلَى المَكانِ الّذي كانَ عَتيدًا أنْ يأخُذَهُ ميراثًا، فخرجَ وهو لا يَعلَمُ إلَى أين يأتي" (العِبرانيّينَ ٨:١١). أي أن الإيمان هو الذي مكَّن إبراهيم من طاعة الرب، ليخرج من وسط عائلته وشعبه وأرضه. والإيمان هو ما نحتاج إليه في حياتنا لكي نطيع الرب في كل خطوة من حياتنا. فمثل إبراهيم، أحيانًا كثيرة لا نعرف ما هي الخطوة القادمة في حياتنا. لكن ثقتنا في الله وصلاحه، واتكالنا عليه، يجعلنا نطمئن، ونطيعه بفرح.
يا رب، لا أعلم ما يكون في الغد، لكن ساعدني أن أطيعك واثقًا بك.
تأمل: القبر الفارغ
يوحنا ١:٢٠-١٨
ينقبض القلب عند سماع بعض الكلمات ومنها كلمة "قبر"، فمن منا لم يذرف الدمع في وداع حبيب أو قريب أو صديق؟ ومن منا لم يروعه مشهد باب القبر وهو يُغلق على هذا الفقيد؟ من المؤكد أن هذه كانت مشاعر تلاميذ وأحباء الرب يسوع المسيح وهم يشاهدون هذا الحجر العظيم يغلق باب القبر على حبيبهم ومعلمهم. لكن ها هي المجدلية تأتي وتنظر وإذ الحجر مرفوع والقبر فارغ (ع ١). مع ذلك يقول البشير: "أمّا مَريَمُ فكانتْ واقِفَةً عِندَ القَبرِ خارِجًا تبكي" (ع ١١)، فمشاعر الحزن والضيق والحيرة غمرت مريم، لكن عندما ناداها السيد المسيح باسمها "يا مريم" تحول هذا الحزن العميق إلى دهشة وفرح غامر.
إن القبر الفارغ هو أساس إيماننا، فنحن نعلن في إيماننا أن السيد المسيح "تألم وقبر وقام من بين الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب". كما أن هذا هو سر رجائنا، يقول الرسول بولس: "وإنْ لَمْ يَكُنِ المَسيحُ قد قامَ، فباطِلٌ إيمانُكُمْ. أنتُمْ بَعدُ في خطاياكُمْ! إذًا الّذينَ رَقَدوا في المَسيحِ أيضًا هَلكوا! إنْ كانَ لنا في هذِهِ الحياةِ فقط رَجاءٌ في المَسيحِ، فإنَّنا أشقَى جميعِ النّاسِ. ولكن الآنَ قد قامَ المَسيحُ مِنَ الأمواتِ وصارَ باكورَةَ الرّاقِدينَ. فإنَّهُ إذ الموتُ بإنسانٍ، بإنسانٍ أيضًا قيامَةُ الأمواتِ. لأنَّهُ كما في آدَمَ يَموتُ الجميعُ، هكذا في المَسيحِ سيُحيا الجميعُ." (١كورنثوس ١٧:١٥-٢٢). لذلك، وإن كنا نتألم لفراق الأحباء، فالوحي المقدس يوصينا: "... لا تحزَنوا كالباقينَ الّذينَ لا رَجاءَ لهُمْ. لأنَّهُ إنْ كُنّا نؤمِنُ أنَّ يَسوعَ ماتَ وقامَ، فكذلكَ الرّاقِدونَ بيَسوعَ، سيُحضِرُهُمُ اللهُ أيضًا معهُ."(١تسالونيكي ١٣:٤-١٤).
يارب نشكرك لأنه بقيامتك صار لنا رجاء حي، إذ تقول كلمتك: "ابتُلِعَ الموتُ إلَى غَلَبَةٍ. أين شَوْكَتُكَ يا موتُ؟ أين غَلَبَتُكِ يا هاويَةُ؟" (١كورنثوس ٥٤:١٥-٥٥).